قوله: «الإسلامُ هو السنةُ، والسنةُ هي
الإسلامُ»، يَعني: الإسلامُ هو الطَّرِيقة التي جاءَ بها الرُّسُل عَليهم
الصَّلاة والسَّلام، وكُلّ الرُّسُل جَاؤوا بالإسلامِ، فكُل نَبِيٍّ دَعَا إلى
اللهِ، وجاءَ بشريعةٍ من عندِ اللهِ فذلك هو الإسلامُ، فالإسلامُ عِبادة اللهِ عز
وجل وَحْدَه في كُل وقتٍ بما شَرَعَه.
وقد شَرَعَ للأنبياءِ شَرَائِعَ إلى آجالٍ، ثم يَنْسَخُها، فإذا نُسِخَتْ
كانَ العملُ بالناسخِ، هو الإسلامُ، إلى أن نُسِخَت تلك الشرائعُ بشَريعة محمدٍ
صلى الله عليه وسلم، يقولُ اللهُ جل وعلا: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا
رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ
أَن يَأۡتِيَ بَِٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ ٣٨يَمۡحُواْ
ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ ٣٩﴾ [الرعد: 38- 39].
فالإسلامُ هو ما جاءتْ به الرسلُ، من الدعوةِ والعَمَل في كُل وقتٍ بحَسبه،
إلى أن جاءتْ بِعْثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فصَار الإسلامُ هو ما جَاء به دونَ
غيرِه، فمَن بَقِيَ على الأديانِ السابقةِ ولم يُؤمِنْ بمُحمَّد صلى الله عليه
وسلم فليس بمُسلمٍ، حيثُ لم يَنْقَدْ للهِ عز وجل، ولم يُطِعْ هذا الرسُول صلى
الله عليه وسلم، لأن ما كَان عليه قد انتهَى ونُسِخ، والبَقاء على المَنْسوخ ليس
دينًا للهِ عز وجل، إنما العَمَل بالناسخِ هو الدِّين.
قوله: «والسنَّة هي الإسلاَم» لا
فرقَ بينَهما، إذا فَسَّرْنا السُّنة بالطريقةِ فلا فَرْقَ بينَها وبينَ الإسلامِ.
قوله: «ولا يقومُ أحدُهما إلا بالآخَر»
لا يقومُ الإسلاَم إلا بالسُّنة، ولا تقُوم السُّنة إلا بالإسلامِ، فالذي يَدَّعِي
الإسلاَم ولا يَعْمَل بالسنَّة -أي: طَرِيقة الرسُول صلى الله عليه وسلم -؛ ليس
بمُسْلِم، والذِي يَعلم السنَّة ولا يُسلم للهِ؛ ليس بمُسلمٍ وإن عَرَفَ السنَّة،
فلابُدَّ من الجَمْع بينهما.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد