وتنظرَ هل قاله أحدٌ من
السلفِ أو لم يقولوه. وهذا ما حذَّرت منه مراتٍ، أقول: لا تُحْدِثوا اجتهاداتٍ
وآراءً وأقوالاً وعباراتٍ لم تُسبقوا إليها، خُذوا القُدْوة من السلَف ومن كَلام
السلفِ، ولو أتيتَ بشيءٍ لم تُسبَق إليه فإنه يكُون شذوذًا، وخَطره أكثرُ من
نفعِه.
فكلامُ الصحَابة هو المِيزان، لأنهم تَلاميذ الرسُول صلى الله عليه وسلم،
يُنظر قولُهم في الآية، بمَاذا فسّروها، وفي الحَديث، بماذا شَرحوه، تأخذُ من
كَلامهم وتَفسيرهم لأنهم أَقْرب إلى الحَق ممّن جَاء بعدَهم لأنهم تلاميذُ الرسُول
صلى الله عليه وسلم، وسَمعوا التّأويل والتفسِير من الرّسول صلى الله عليه وسلم،
وتَلقوه منه، فهُم أَقرب الناسِ إلى الحَق. ولا عبرةَ بقول من يقُول: إن الصحابةَ
لا عبرةَ بهم، هم رجالٌ ولهم أفكارُهم، ونحن رجالٌ ولنا أفكارُنا، والزمان تغيَّر!
فالدين باقٍ إلى أن تقومَ الساعةُ، ولا يتغيَّر بتَغيُّر الزمان، وهو
شَاملٌ للزمانِ والمَكان، وإنما الذي يتغيَّر: الاجتهَادات البشريّة التي تُخطِئ
وتُصيب، أما الدّين نَفْسه فلا يتغيَّر، لأنه صَالح لكُل زمانٍ ولكل مَكان، لأنه
تَنزيل من حَكيمٍ حَميد. ولهذا يُوصون ويَقولون: عليكم بالكِتاب والسنّة بفَهْم
السلَف الصالحِ، لا تُحْدِث فهمًا من عِندك أو من عِند المتأخِّرين.
قوله: «أو أَحَد من العُلماء» أي
قاله أحدٌ من العُلماء المُعتبرين، من الأئمَّة الذين يَسيرون على منهجِ صَحابة
الرسُول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم هم الرُّواة عن الصحَابة، والصحَابة هم
الرُّواة عن الرسُول صلى الله عليه وسلم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد