دُونَكَ شَيْءٌ»: يعني أنه يَعْلَم كُل شيءٍ
ولا يَخْفَى عليه شيءٌ، فهو مع كَونه عاليًا على مَخلوقاته لا يَخفى عليه شيءٌ من
بَوَاطِنهم وما تُخفيه صُدورهم، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَخۡفَىٰ عَلَيۡهِ شَيۡءٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ [آل عمران: 5].
ثم يَجِيء من يقُول: اللهُ جل وعلا لا فَوْق، ولا تَحْت، ولا يَمْنة، ولا
يَسْرة، ولا داخِل العَالم ولا خَارِجه، فهذا مَعناه أنه مَعدومٌ، كما في كُتب علماءِ
الكَلام.
قوله: «يَعْلَم السِّر وأَخْفَى، وهو
على عَرْشِه اسْتَوَى» فكَوْنه يَعْلَم ما في الأَرْض ما تَحْتَ الأَرْض وما
تَحْتَ الثَّرَى لا يَتَنَافَى مع كونه فَوْقَ العَرْش، لأنّ اللهَ جل وعلا يُحِيط
بكُل شيءٍ، ولا يُحِيط به سبحانه وتعالى شيءٌ، والخَلْق كله بالنِّسْبة إليه صَغير
كلا شَيْء، وهو العَظِيم، الكَبِير، المُتَعَال، الجَلِيل، سُبحانه وتعَالى، فلا
نَقِيسه بأنفُسنا، ﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ
حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ
مَطۡوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [الزمر: 67].
المَخلُوقات بالنسبَة إليه كلا شَيْء، وإن كَانت في أنظارِ الناسِ عَظِيمة،
لكن بالنسبةِ إليه كَلا شَيْء أمامَ عَظَمَتِه سبحانه وتعالى.
لكن هَؤلاء ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِه حِين جَحَدُوا قُدْرَته
وعَظَمَته، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ
لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ
شَيۡٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ ٧٣مَا
قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ٧٤﴾ [الحج: 73- 74] ما
عَرَفُوا عَظمة اللهِ وقُدْرَته وجَلاله وعِلمه، فَهُمْ يَقِيسونه على أَنْفُسهم،
ولذلك تَنقَّصوا اللهَ عز وجل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد