إذا كُنتم بأَجْمَعِكم من أوَّلكم إلى آخِركم وجِنّكم وإِنْسكم لو اجتمَعتم
لِخَلْقِ ذُبابٍ - أقلّ شَيْء - لا تستطيعونَ، وخصوصًا الذِين تَدْعُونهم من دونِ
اللهِ من الآلهَة والأَرْبَاب ﴿لَن
يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ
شَيۡٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ﴾.
لو تَجْمَع مَهَرَة الأطباءِ والحُذَّاق في العَالَم والصُّنَّاع
والمُخترعين وتقول لهم: أَوْجِدُوا لنا ذُبابًا لا يَسْتطيعون، مع أنهم يَسْتطيعون
أن يَبْنُوا البَوَاخِر الهَائِلة والتي فيها مَطَارَات وتَحْمِل الطائِرات،
ويَبْنُوا الطائراتِ الكَبِيرة، يَقْدِرون على صُنع هذه الأشيَاء، أما خَلق
الذُّباب، وإيداعُ الرُّوح فيه؛ فلا يَستطيعون.
هم يصوِّرون صورةَ الذُّباب، والإنسَان، والسَّبع، ونحو ذلك، لكن لا
يَستطيعون أن يَجعلوه يَمشي ويتكلَّم، إنما يُخَطِّطون فَقط تخطيطًا، لكن نَفْخُ
الرُّوح من أمرِ اللهِ جل وعلا، فكيف يُقاس الخالقُ جل وعلا بالمَخْلوق؟! لا
تَبْلُغه العُقول والأَوْهام، ولا تتخيَّله الأَفْكَار سبحانه وتعالى.
قوله: «يَعلم السِّر وأَخْفَى وهو على
عَرْشِه استوَى» لا يَتنافى استواؤُه على العَرْش مع كَونه يَعلم السِّر
وأَخْفَى، فلا يُقال: إنه إذا استوَى على العَرْش يكونُ بعيدًا عن الناسِ، ولا
يَسْمَع، ولا يَرَى، فهذا تَشْبيهٌ للرَّبِّ بالمَخْلُوق.
فاللهُ جل وعلا: الأشياءُ عِنده سَواءٌ، لا يَخْفَى عَليه شيءٌ سبحانه
وتعالى، القَريب والبَعيد، وأوَّل الخَلْق وآخِره، والدُّنيا والآخِرة كُل شيءٍ هو
في عِلم اللهِ سبحانه وتعالى.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد