فالحاصِل: أن هذه مَسألة عظيمةٌ جدًّا، ولا يَهُولَنَّكُم قَوْل المُخَذِّلين
الذين يدَّعون أنهم من أَهْل السنّة، ويقُولون: ما تحتملُ هذه المَسْألة هذا
الجِدال، والإمام أحمَد مُبالغ في كَونه امتنعَ أن يَقول بخلقِ القُرآن، وأن
المَسألة لا تحتملُ كل هذا، هذا مَوجود في كِتابات بعضِ من يَنْتسب إلى العِلم،
وبَعضهم يقُول: ما حصلَ بينَ أحمدَ وخصومِه خلافٌ سِياسيٌّ!
فإذا تأمَّلتَ وجدتَ المسألةَ ليستْ خفيفةً، إذا نَفى أن يكُون القُرآن
كلامَ الله فماذا يَبْقَى معنا؟! إذا عَطَّل الربَّ من صِفة الكَلام فهذا نَقْصٌ
في الربِّ سبحانه؛ لأنَّ الذي لا يَتكلَّم ليس بإلهٍ، والله سُبحانه عابَ على
اليَهود لما عَبدوا العِجْل فقال: ﴿أَفَلَا
يَرَوۡنَ أَلَّا يَرۡجِعُ إِلَيۡهِمۡ قَوۡلٗا وَلَا يَمۡلِكُ لَهُمۡ ضَرّٗا وَلَا
نَفۡعٗا﴾ [طه: 89].
الربُّ لابُدّ أنه يتكَلم، ويُدبِّر، ويأمُر وينهَى، فالله إذا نُفِي عنه
الكلامُ صارَ لا يَصلُح للإلهيَّةِ - تعالى اللهُ عمَّا يَقولون - فهذه مَسألةٌ
عظيمةٌ.
ولهذا فإن الإمامَ أحمدَ رحمه الله وقفَ مَوْقِف الجِبال الرَّاسِياتِ، ولم
يَتَنازل، ولم يتأوَّل، وصَبَرَ على المِحْنة، صبرَ على السَّجْن وعلى الضَّرْب،
وعلى الإهَانة، من ثلاثةِ خُلَفاء: المَأْمُون، والمُعْتَصِم، والوَاثِق، كلُّهم
تتابعوا على تَعْذِيبه، يُريدون منه أن يَتنازل، فأَبَى رحمه الله وثبتَ، وفي
آخِرِ عَهد الوَاثق يُقال: إنه رجعَ لما حصلَتْ عنده مناظرةٌ بينَ عالمٍ من أهلِ
السنّة وبين بِشْرٍ المريسِيّ، وانكسرَ المريسِيّ عندَ ذلك تَرَاجعَ الوَاثِق.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد