فالحاصلُ: أن هَذه المَسألة عَظيمة، وهي مُهمة جدًّا لا يُتهاون بها، ولا يُقال -
كما يَقوله بَعض الجُهّال والكُتّاب والمُثقّفين، أو الأشَاعِرة، أو من نَحَا
نَحْوَهم -: هذه مسألةٌ لا تحتملُ كُل هذا الاهتمَام، وهذه الردُود.
وقد احتجَّ الإمَام أحمدُ عليهم بقوله: ﴿وَإِنۡ
أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ
ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ﴾ [التوبة: 6] ﴿يُرِيدُونَ
أَن يُبَدِّلُواْ كَلَٰمَ ٱللَّهِۚ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمۡ قَالَ ٱللَّهُ
مِن قَبۡلُۖ﴾ [الفتح: 15]، ﴿قَالَ ٱللَّهُ﴾ أثبتَ لنفسِه
الكَلام والقولَ، «وتَنزيله» أي:
القُرآن، أنزلَه على نبيّه مُحمد صلى الله عليه وسلم بواسطةِ جِبريل عليه السلام،
قالَ تعالى: ﴿وَإِنَّهُۥ
لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٩٢نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣عَلَىٰ قَلۡبِكَ
لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ ١٩٥﴾ [الشعراء: 192-
195] فهذا واضحٌ وجليٌّ.
ومع هذا فيَأتي مَن يقُول: القُرآن مخلوقٌ غيرُ مُنزَّلٍ، واللهُ لم
يتكلَّم به، واللهُ لا يُوصَف بالكَلام! تعالى الله عمَّا يقُولون.
قوله: «ونوره» القُرآن يُوصَف بأنه
نُور، قال تعالى: ﴿وَلَٰكِن
جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ﴾ [الشورى: 52]،
ويُسمَّى رُوحًا، ﴿وَكَذَٰلِكَ
أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ﴾ [الشورى: 52]: رُوح
لأن القُلوب تَحْيَا به، كما أن الأبدانَ تَحْيَا بالرُّوح، فهو رُوح القلوبِ،
والرُّوح المَعروفة رُوح الأبدانِ، فهو نُور، وهو رُوحٌ، وهو هُدًى، وهو تَذكِرة
ومَوْعظةٌ، وله أسماءٌ كثيرةٌ مما يدلُّ على عَظَمَته.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد