×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

 ولكِنه لا يُصلِّي أبدًا ولا يَصُوم، ولا يُؤدِّي حَجَّ الفَريضة، ولا يعمَل أي عملٍ من الأعمَال هذا كَافرٌ.

ولو كان يُؤمِن بلِسانه ويَنْطق ويَعْتقد بقَلْبه، ويَشْهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ اللهِ، لكِن تَرْكُه العملَ من غَير عُذْرٍ لا يَجعله مؤمنًا، إلا إذا تَرَكَ العَمَلَ لعُذْرٍ كالمُكْرَه والنَّاسِي والجَاهِل، وكذا الذِي دَخَلَ في الإسلاَم ولم يتمكَّن من العَمَل؛ بأن أسلمَ ثم ماتَ في الحَال، فهذا لا يُحاسَب على العَمَل لأنه لم يَتمكَّن، كذلك المَخبُول في عَقله هذا لا يتمكَّن من العَمَل، أما إذا كَان متمكِّنًا من العَمل وتركَه نهائيًّا فهذا لَيس بمُؤمِنٍ.

بعضُهم زادَ في تَعريف الإيمَان - كما ذكرَ المؤلِّف - مَسألةً رابعةً وهيَ اتباعُ السنَّة، يقولونَ: «الإيمانُ: قولٌ واعتقادٌ وعملٌ وسنَّةٌ». يعني: اتِّباع السنَّة، يخرجُ بذلك المُبتدِعة الذِين لا يَعْمَلُون بالسنّة، وإنما يَعملون بالمُحْدَثَات. وهذا ذكرَه المؤلِّف هنا في قوله: «نِيَّة وإصَابَة» أي: عَمل بالسنّة، أما الذِي يَعمل عملاً خاطئًا بالبِدَع والخُرَافات والمُحدَثات فهذا لا يكُون مؤمنًا.

«ويزيدُ بالطَّاعة»: هذا من تَمَام التَّعْرِيف، أن الإيمانَ يزيدُ بالطاعةِ، وهذا صَريحٌ في القُرآن ﴿وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ [مريم: 76]، ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال: 2]، ﴿وَمَا جَعَلۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلَّا مَلَٰٓئِكَةٗۖ وَمَا جَعَلۡنَا عِدَّتَهُمۡ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسۡتَيۡقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَيَزۡدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِيمَٰنٗا [المدثر: 31] هذا صريحٌ أن الإيمانَ يزيدُ بالطَّاعاتِ.


الشرح