×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قوله: وقال سُفْيَانُ بن عُيَيْنَة: «مَنْ نَطَقَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِكَلِمَةٍ فَهُوَ صَاحِبُ هَوًى»؛ لأنه لا يتكلَّم فيهم إلا صَاحب هوًى وتَعَرُّضٍ لأصحابِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم.

الواجبُ لصَحابة رسُول الله صلى الله عليه وسلم: المَحبة والإجلالُ والإكرامُ، ومَعرفة قَدْرِهم، والاقتداءُ بهم، لأنهم خَير القُرون، ولأنهم رَأَوْا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وآمنُوا به، صَحِبُوه ونَصَرُوه، جاهدُوا معه، وتَحَمَّلوا العِلم عنه، فهم أَفْضَل هَذه الأمَّة، بل هُم أَفْضَل الخَلْق بعد النَّبِيِّيِن، لأن الله اختصَّهم بصُحبة نبيِّه مُحمد صلى الله عليه وسلم خاتَم النَّبيين وأفضَل المُرسلين، فلا يطعَن فيهم إلا مَن في قَلبه غِلٌّ وحِقد على الإسلاَم.

فهو لا يَطعن فيهم لأشخاصِهم، إنما يَطعن فيهم لأجلِ ما قَاموا به من نُصرة هذا الدينِ، وتَبليغه للنَّاس بأمانةٍ.

فالذِي يَطعن فيهم إنما يَطعن من أَجل هذا، لأنه حَاقدٌ على الإسلاَم، ومَوْتُور من الإسلاَم فهو يَتشفَّى بذلك، ولأجلِ أن يَقْطع صِلة الأمّة بنَبيها مُحمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم هم الوَاسِطة بيننا وبين الرسُول صلى الله عليه وسلم، فهذا قَصْد من يَطْعن فيهم.

ولهذا لما ذكَر المُهاجرين والأنصارَ في سُورة الحَشْر قال: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ [الحشر: 10] فدلَّ على أن الذِي يَطعن فيهم أو في أحدٍ منهم إنما هُو لغِلٍّ وَجَدَه في قَلبه عليهم، ولهذا قالَ سُفيان بن عُيَيْنَة الإمَام الجَليل: «مَنْ نَطَقَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِكَلِمَةٍ فَهُوَ صَاحِبُ هَوًى».


الشرح