فالقِصاصُ سببٌ لبقاءِ الحياة، وإِنْ كان يُقتل فيه المُقْتَصُّ منه، فهو
قتلٌ يُؤَدِّي إِلى حياةِ البقيَّة من المُجْتَمَعِ، ويَقِلُّ التَّعدِّي على
الدِّماءِ، أَمَّا أَنْ يُتْرَكَ القاتلُ ويُقال: هذا يتنافى مع حقوق الإِنْسان،
ويُتْرَكُ ولا يُقْتَلُ؛ فهذا يُسَبِّبُ سَفْكَ الدِّماءِ، واخْتِلاَلَ الأَمْن،
وتَرْوِيْعَ الآمنين، يُسَبِّبُ مفاسدَ كثيرةً، ويكثر القتلُ وتستشاط الدِّماءُ،
حتى في الجاهليَّة يقولون: القَتْلُ أَنْفَى للقَتْلِ. قتلُ المُجْرِمِ أَنْفَى
للقَتْلِ في المستقبل، وفي هذا الآية: ﴿وَلَكُمۡ
فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ﴾.
والذين يقولون: القِصاصُ يتنافى مع حقوقِ الإِنْسان. نقول لهم: والمُجْنَي
عليه أَليس إِنْسانًا؟ ففي الاقتصاص له حِمايةٌ لحقِّه.
والثَّالثُ من الذين يُباح دَمُهم: الثَّيِّبُ الزَّاني، والثَّيِّبُ: هو
الذي وَطِئَ امْرَأَتَهُ في نكاحٍ صحيحٍ،. فإِذا زَنَا فإِنَّه يُرْجَمُ بالحِجارة
حتى يموتَ، ويحلُّ دَمُهُ بذلك.
فهذه هي الأُمُورُ التي يُستباح بها دَمُ المسلم: إِمَّا القصاصُ، النَّفسُ بالنَّفسِ، وإِمَّا زانٍ بعد الإِحْصان، وإِمَّا المُرْتَدُّ، الذي يرتكب ناقضًا من نواقض الإِسْلام، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ([1])، وفي هذا الحديثِ: «وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2854).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد