×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

فالقِصاصُ سببٌ لبقاءِ الحياة، وإِنْ كان يُقتل فيه المُقْتَصُّ منه، فهو قتلٌ يُؤَدِّي إِلى حياةِ البقيَّة من المُجْتَمَعِ، ويَقِلُّ التَّعدِّي على الدِّماءِ، أَمَّا أَنْ يُتْرَكَ القاتلُ ويُقال: هذا يتنافى مع حقوق الإِنْسان، ويُتْرَكُ ولا يُقْتَلُ؛ فهذا يُسَبِّبُ سَفْكَ الدِّماءِ، واخْتِلاَلَ الأَمْن، وتَرْوِيْعَ الآمنين، يُسَبِّبُ مفاسدَ كثيرةً، ويكثر القتلُ وتستشاط الدِّماءُ، حتى في الجاهليَّة يقولون: القَتْلُ أَنْفَى للقَتْلِ. قتلُ المُجْرِمِ أَنْفَى للقَتْلِ في المستقبل، وفي هذا الآية: ﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ.

والذين يقولون: القِصاصُ يتنافى مع حقوقِ الإِنْسان. نقول لهم: والمُجْنَي عليه أَليس إِنْسانًا؟ ففي الاقتصاص له حِمايةٌ لحقِّه.

والثَّالثُ من الذين يُباح دَمُهم: الثَّيِّبُ الزَّاني، والثَّيِّبُ: هو الذي وَطِئَ امْرَأَتَهُ في نكاحٍ صحيحٍ،. فإِذا زَنَا فإِنَّه يُرْجَمُ بالحِجارة حتى يموتَ، ويحلُّ دَمُهُ بذلك.

فهذه هي الأُمُورُ التي يُستباح بها دَمُ المسلم: إِمَّا القصاصُ، النَّفسُ بالنَّفسِ، وإِمَّا زانٍ بعد الإِحْصان، وإِمَّا المُرْتَدُّ، الذي يرتكب ناقضًا من نواقض الإِسْلام، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ([1])، وفي هذا الحديثِ: «وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2854).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6484)، ومسلم رقم (1676).