×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

وما أَخْطأَهُ لم يكنْ ليُصِيبَه، وأَنَّ من لم يعتقدْ هذا فإِنَّ اللهَ يُحرِّقُه بالنَّار. وهكذا اتَّفقتْ كلمتُهم لمَّا ظهرتْ فِرْقَةُ القَدَرِيَّةِ في وَقْتِهم.

قوله: «فعليكَ بالتَّسْليم والإِقْرارِ والإِيْمانِ» هذا هو الواجبُ عليك نَحْوَ القضاءِ والقدرِ: التَّسْليمُ لقضاءِ الله وقدرِه، وعدمِ الاعتراض عليه، واعتقادِ أَنَّ اللهَ لا يفعل شيئًا إِلاَّ لحِكْمَةٍ، وأَنَّه لا يُعذِّبُ أَحدًا إِلاَّ بعلمِه، فالخَللُ إِنَّما هو مِن عندكَ أَنْتَ، بَدَلَ أَنْ تَلُومَ القدرَ؛ عليكَ أَنْ تَلُومَ نفسَك، وأَنْ تتوبَ إِلى الله. فلا أَحدٌ يمنع من التَّوبة، واللهُ يقبل التَّوبةَ ممَّن تاب، فلماذا تُشْغِلُ نفسَك بشيءٍ ليس لك منه مصلحةٌ؟!!

فعليكَ بالتَّسْليمِ والانقيادِ، وعدمِ الخوض فيما لا يعنيك، وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ» ([1]).

قوله: «واعتقادُ ما قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في جُمْلةِ الأَشْياءِ، واسْكُتْ عمَّا سِوى ذلك» أَيْ: اعْتَقِدْ ما قاله الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم؛ لأَنَّه لا ينطق عن الهوى، ولا تَتَّهِمْ الأَحاديثَ، أَوْ تَشُكَّ فيها ما دامتْ أَنَّها ثابتةٌ عن الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فليست مجالاً للتَّرَدُّدِ، ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا [النساء: 65].


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2317)، وابن ماجه رقم (3976)، وأحمد رقم (1732).