على أَنَّ الذين رحمهم اللهُ لم يختلفوا، وعلى أَنَّ الاختلافَ عذابٌ وليس
رحمةٌ، الرَّحْمةُ: للذين لم يختلفوا، وإِنِ اختلفوا رَجَعُوا إِلى الكتاب
والسُّنَّةِ فأَخذوا بالصَّحيح وتركوا الخطأَ، هذه طريقةُ أَهْلِِ السُّنَّةِ
والجماعةِ، أَمَّا أَنْ يبقى كلٌّ على رَأْيِه، وما قال به فُلاَنٌ، وفلان، فليست
هذه طريقةَ المسلمين، هذه طريقةُ أَهْلِ الأَهْواءِ وأَهْلِ الشَّهوات، يتلمسون ما
يوافق أَهْواءَهم من الأَقْوال، ويوافق رَغْبَتَهم، وما يخالف رَغْبَتَهم يتركونه،
ولو قال به الإِمَامُ الذي يأْخذون بقوله، يعني لا يأْخذون من أَقْوال الأَئِمَّة
والعلماءِ إِلاَّ ما يوافق رغباتِهم، أَمَّا ما يخالف رغباتِهم فإِنَّهم
يرفضونه.فهذا دليلٌ على أَنَّهم يتَّبعون أَهْواءَهم، ما وافق هواهم أَخذوا به،
وما خالف هواهم تركوه ولا حولَ ولا قوةَ إِلاَّ بالله، وهذا هو الذي يُنَادَى به
الآن في الصُّحُف والمجلاَّتِ والنَّدواتِ والمُؤْتمراتِ في الغالب وفي
الفضائِيَّات، يرجون الخلافَ ويقولون: نُوسِّعُ للنَّاس! بماذا نُوسِّعُ للنَّاس؟
بترك الكتاب والسُّنَّة، والذّهاب مع الأَقْوال التي أَهْلُها ليسوا معصومين،
يُخْطِئُونَ ويُصِيْبُونَ؟، وهم ينهوننا أَنْ نأْخذ من أَقْوالهم إِلاَّ ما وافق الدَّليلَ،
هم ينهوننا عن أَخْذِ أَقْوالِهم إِذا خالفت الدَّليلَ، فهذا أَمْرٌ يجب معرفتَه؛
لأَنَّ النَّاسَ اليومَ ابْتَلَوا بِهؤُلاءِ الذين يُلْبِسُونَ على النَّاس.
فقوله: «واعلمْ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلا وَاحِدَةً» ([1])، هذا الحديثُ صحيحٌ
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2641)، والمروزي في «السنة» رقم (59)، والطبراني في «الكبير» رقم (62).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد