×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

وليسَ معْنَى ذلكَ أنَّنا نأخُذُ كلَّ ما قالَه أهْلُ العِلْمِ بدونِ أن نَعْرِضَه على الكِتابِ والسُّنَّةِ، ونَعْرِفَ مَصْدَرَه ودَليلَه.

فالنَّاسُ في هذا الأمْرِ الهامِّ بينَ طَرَفَي نَقِيضٍ:

طَرفٌ يُزَهِّدُ في الفقهِ ويُنَفِّرُ النَّاسَ عنْه، ويَصِفُه بأوصافٍ ذَميمَةٍ.

وقِسْمٌ يغْلُو في الفقْهِ والتَّقليدِ والتَّعصُّبِ لآراءِ الأئِمَّةِ وآراءِ العُلماءِ، وكِلاهُما مَذْمُومٌ.

والوَسَطُ هو أن نَأْخُذَ منْ أقْوالِ العُلماءِ ما وافَقَ الدَّليلَ، ونَستَعينَ بهِ على فَهْمِ كتابِ اللهِ، وسُنَّةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، وأن نَتْرُكَ ما خالَفَ الدَّليلَ؛ لأنَّهُم رِجالٌ يُخْطِئُونَ ويُصيبونَ.

والمُجْتَهِدُ إذا اجْتَهَدَ فأصَابَ فلَهُ أجرانِ، وإذا اجْتَهَدَ فأخْطَأَ فله أجرٌ واحِدٌ، والمُرادُ المُجتهِدُ الذي عندَه مُؤَهِّلاتٌ للاجْتهادِ، بها يَستطيعُ أن يَجْتهِدَ، ومعْنى هذا؛ أنّا نأْخُذُ من اجْتهاداتِ الأئمَّةِ ما وافَقَ الدَّليلَ وعضَّدَهُ الدَّليلُ؛ لنستَعينَ بهِ على فهْمِ الكتابِ والسُّنَّةِ، وأن نَتْركَ ما نرَاهُ مُخالِفًا للدَّليلِ؛ لأنَّ القُدْوَةَ هو رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النساء: 59].

فلا نزْهَدُ في الفقْهِ ونرفُضُهُ كما يَرَاهُ البَعْضُ منَ النَّاشِئَةِ الآنَ، أو منَ المُتعالِمينَ الَّذينَ ظنُّوا أنَهم عُلماءُ وأنَّهُم يَسْتغْنونَ عنْ كلامِ الفُقَهاءِ، ولا نَتَعَصَّبُ لأقوالِ الرِّجالِ، ونتّخِذُها دِينًا، فكِلاَ طَرَفَي الأُمُورِ ذَميمٌ، ولكنَّ الوَسَطَ أنَّنا نقْرَأُ الفقْهَ واجتهاداتِ المُجْتهدِينَ، ونعْرِف أدِلَّتَهم ومصادِرَهُم، ثمّ نأخُذُ منْها ما وافقَ الدَّليلَ.


الشرح