×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

 وما خالَفَ الدَّليلَ نعْتَذِرُ لصاحِبِه، وَنَتَرَحَّمُ عليهِ، ولكنْ لا يسَعُنا الأَخْذُ بما خالَفَ الدَّليلَ ولو قال به من قالَ منْ أهْلِ العلْمِ؛ فإنَّهم يُحذّرُونَ من تَقْلِيدِهم منْ غيرِ دَليلٍ.

فيقولُ الإمامُ أبو حنيفَة رحمه الله وهو أقْدَمُ الفُقهاءِ الأرْبَعَةِ - يقولُ: «إذا جاءَ الحَديثُ عنِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فعَلَى الرَّأْسِ والعَيْنِ، وإذا جاءَ الحديثُ عنْ أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فعَلَى الرَّأْسِ والعينِ، وإذا جاءَ عنِ التَّابِعينَ فهُم رجالٌ ونحْنُ رجالٌ»، فيقدَّمُ قَوْلُ اللهِ، وقوْلُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم على قَوْلِ كلِّ أحَدٍ.

ويقولُ الإمامُ مالكٌ رحمه الله: «كلُّنا رادٌّ ومَرْدودٌ عليهِ إلاَّ صاحِب هذا القَبْرَ» يعني: رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

ويقولُ الإمامُ الشَّافعيُّ رحمه الله: «إذا صحَّ الحَديثُ فهُوَ مذْهَبِي»، ويقولُ: «إذا خالَفَ قوْلِي قوْلَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فاضْرِبوا بقَوْلِي عُرْضَ الحائِطِ وخُذُوا بقَوْلِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم ».

والإمامُ أحمَدُ رحمه الله يقولُ: «عَجِبْتُ لقَوْمٍ عَرَفوا الإسْنادَ وصِحَّتَه يذْهَبونَ إلى رَأْيِ سُفْيانَ، واللهُ تعَالى يقولُ: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63].

فهم لا يرْضونَ أنْ نُقَلِّدَهُم ونَتَعَصَّبَ لآرائِهِم؛ بل يَرْضونَ منَّا أن نَأْخُذَ ما وافَقَ الدَّليلَ وأن نَتَّبِعَ الدَّليلَ، سواءٌ كان في مَذْهَبِ إمامِنا أو في مَذْهَبِ إمامٍ آخَرَ؛ لأنَّ الحَقَّ ضالَّةُ المُؤْمِنِ أيْنَما وجَدَهُ أخَذَه.

فالحَنْبَلِيُّ إذا ظهَرَ له أنَّ الدَّليلَ معَ الحَنَفيِّ؛ يجبُ عليهِ أن يأْخُذَ بقَوْلِه، وكذلكَ العَكْسُ: الحنفِيُّ إذا ظَهَرَ له الدَّليلُ معَ قوْلِ الحَنْبلِيِّ وَجَبَ عليهِ أخْذُ قَوْلِه.


الشرح