×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

 وهكذا الأئِمَّةُ وأتْباعُهم منْ أهْلِ العِلْمِ على هذا المَنْهَجِ، يأخُذُونَ من الفِقْهِ ما وافقَ الكتابَ والسُّنَّةَ، ويترُكُونَ ما خالفَ الكتابَ والسُّنَّةَ؛ لأنَّ هؤلاءِ الأئمَّةَ غيرُ مَعْصومِينَ، وإنَّما يجتَهِدونَ ويتَحرُّونَ الحقَّ ويَبْحثونَ عنهُ، قد يُخْطِئُونَ وقد يُصِيبونَ، ولكن، الحمدُ للهِ أخطاؤُهم مَحْصورةٌ ومَعْدودةٌ، وكثيرٌ منْ أقْوالِهم يُوافِقُ الدَّليلَ، ويتَّفِقُ معَ الدَّليلِ، وكلُّهم هدَفُهم وغرَضُهم اتِّباعُ الدَّليلِ، وكلُّهم يُوصُونَ بذلكَ.

ثمَّ إنَّ العُلماءَ دَوَّنُوا الفِقْهَ؛ لمَّا خَشُوا من ضِيَاعِهِ، خُصوصًا أتْباعَ المَذَاهِبِ الأرْبَعَةِ.

فالمَذاهِبُ الأرْبعةُ دُوِّنَتْ واعتُنِيَ بِها، وهيَ:

مذْهَبُ الإمامِ أبي حنيفَةَ، ومَذْهَبُ الإمامِ مالكٍ، ومَذْهَبُ الإمامِ الشَّافعيِّ، ومَذْهَبُ الإمامِ أحمَدَ، كلُّها والحمدُ للهِ اعتُني بها ودُوِّنَتْ ودُرِّسَتْ في مُخْتَلَفِ العُصورِ.

وهناكَ فُقهاءُ غيرُهم لهُم أقْوالٌ ولكنَّها لم تُدَوَّنْ، مِثْلُ: الإمامِ ابنِ جريرٍ الطَّبريِّ، والإمامِ الأوزاعيِّ، والإمامِ سفيان الثّوريّ، وغيرهم، لم يُدَوَّنْ لهم مذاهِبُ خاصَّةٌ مثلُ ما دوِّنَ للأئمَّةِ الأربعةِ، لكنَّ كلامَهم وفقْهَهُم مَوْجودٌ في المَوْسوعاتِ من التَّفاسيرِ، وشُروحِ الحديثِ، وكُتبِ الخِلافِ. فأقوالُهم مَوْجودةٌ في المَوْسوعاتِ، لكنَّها لم تُدَوَّنْ تدْوينًا خاصًّا كما حَصَلَ للمَذاهِبِ الأربَعَةِ.

وعلى كلِّ حالٍ؛ فالمَدارُ على ما قامَ عليهِ الدَّليلُ، سَواءٌ منَ المذَاهِبِ الأربعَةِ أو منْ غيرِها منْ أقوالِ الأئمَّةِ.

ولكنَّ هذهِ الأقوالَ وهذهِ الاجتهاداتِ تُسَاعِدُنا على فَهْمِ الكتابِ والسُّنَّةِ، ولذلكَ اعتَنَى بها العُلماءُ ودوَّنُوها ودرَّسُوها وخلَّفُوا منْها ثَرْوةً


الشرح