×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

وقالَ: «صَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ كُنْتُمْ؛ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي» ([1]).

فيُصَلِّى عليهِ حَيًّا ومَيِّتًا لِمَا لهُ منَ الفَضْلِ على الأُمَّةِ؛ فإنَّ اللهَ أخْرَجَهُم بهِ منَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ، وهَداهُم إلى الصِّرَاطِ المُسْتَقيمِ، وحَقُّهُ عليهِم أن يَتَّبِعُوهُ ويُحِبُّوهُ أكْثَرَ مِن حُبِّهِم لأَنْفُسِهِمْ ووالِدِيهِم وأولاَدِهِم والنَّاسِ أجْمعينَ، ويَقْتَدُوا بهِ.

قالَ اللهُ جل وعلا: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ [الأحزاب: 21].

﴿فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [الأعراف: 157].

وحقُّهُ عليهِم أن يُصَلُّوا عليه كلَّما جاءَ ذِكْرُهُ،.

وحقُّهُ عليهِم أيْضًا أن يُعَظِّموا سُنَّتَهُ، وما جاءَ عنْه منَ الأحادِيثِ الصَّحيحَةِ بعْدَ كتابِ اللهِ سبحانه وتعالى، ويَعْتَنوا بِها، ويَعْمَلُوا بِها.

فحُقُوقُ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كَثيرَةٌ على الأُمَّةِ، ولكنَّها دونَ حقِّ اللهِ جل وعلا، قالَ ابنُ القيِّمِ ([2]) رحمه الله:

للهِ حقٌّ لا يكونُ لغَيْرِه ***ولِعَبْدِه حقٌّ، هُما حَقَّانِ

لا تَجْعَلُوا الحَقَّيْنِ حقًّا واحِدًا*** مِن غيرِ تَمْيِيزٍ ولا فُرْقَانِ

فاللهُ له حقٌّ، هو أصْلُ الحُقوقِ، وأَوْجَبُ الحُقوقِ، ولعَبْدِه مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم حُقوقٌ منْها: اتِّباعُهُ، وطاعَتُهُ، والاعترافُ برسالَتِهِ،


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (2042)، وأحمد رقم (8804)، والطبراني في «الكبير» رقم (2729).

([2])انظر: «نونية ابن القيم» بشرحها (2/ 347).