×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

وكونُه نهَى عنِ اسْتِعمالِ الماءِ الَّذي تَبَوَّلَ فيهِ إنسانٌ مُطْلقًا ولم يَسْتَثْنِ، فهذا دَليلٌ على تنَجُّسِ الماءِ بذلكَ ولو كانَ كثيرًا، ومن بابِ أَوْلَى العَذِرَةُ، فإذا تَغَوَّطَ فيهِ الإنسانُ لا يَغْتَسِلُ به.

«أو خالطَهُ البَوْلُ أو العَذِرَةُ ويَشُقُّ نَزْحُه» النّزحُ: هو أن يُؤْخَذَ الماءُ الَّذي خالطَهُ البَوْلُ أو العَذِرَةُ ليَتَجدَّدَ بعْدَهُ ماءٌ خالٍ منْها، فإذا كانَ النَّزْحُ يَشُقُّ فإنَّ الماءَ يَبْقَى على طَهورِيَّتِه لتَعَذُّرِ نَزْحِه.

«كماءِ مَصانِعِ» والمَصانِعُ: جوابٌ عُمِلَتْ لتتَجَمَّعَ فيها السُّيولُ وتَبْقَى فيهَا إذا جاءَ الحُجَّاجُ والمُعْتمِرونَ ارْتَوَوْا منْها، وهيَ مَعْمُولَةٌ منَ الفَخَّارِ والحِجارَةِ، فهذِهِ المَصانِعُ لو وَقَعَ فيها شَيءٌ منَ البَوْلِ أو العَذِرَةِ، لم يُؤَثّرْ فيهَا؛ لأنَّها مِثْلُ الغُدْرانِ الَّتي تَشْرَبُ منْها السِّباعُ والكِلابُ، وقد تَبَوَّلَ فيها الكِلابُ، ولكنْ لمْ يَأْمُرْنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بتَجَنُّبِها.

ولمَّا سُئِلَ عنِ الماءِ يكونُ في الفَلاةِ تَنوبُه السِّباعُ، فقالَ: «لَهَا مَا أَخَذَتْ فِي بُطُونِهَا، وَلَنَا مَا بَقِيَ» ([1]).

وقال: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ» ([2]).


الشرح

([1])أخرجه: الدارقطني في «سننه» رقم (56).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (63)، والترمذي رقم (67)، وابن ماجه رقم (517)، وأحمد رقم (4803).