وفي حديثٍ: «أَيُّمَا
إِهَابٍ ([1]) دُبِغَ فَقَدْ
طَهُرَ» ([2]) فهذا يدُلُّ على
أنَّ جُلودَ الحَيواناتِ الَّتي يُباحُ أَكْلُها، إذا مَاتَتْ أنَّها تُؤْخَذُ
جُلودُها وتُدْبَغُ وبعْدَ ذلكَ تُسْتَعْمَلُ.
ولكنْ جاءَ في حديثِ
عبدِ اللهِ بنِ عُكيمٍ رضي الله عنه: «لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ
بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَبٍ» ([3]) وهذا منْ آخرِ
الأحاديثِ؛ لأنَّه رُويَ في آخِرِ حياةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلو صَحَّ
هذا الحَديثُ لكانَ ناسِخًا لأحاديثِ الدِّباغِ، ولكنَّهُ لمْ يصِحَّ، فتَبْقَى
أحادِيثُ الدِّباغِ على حالِها؛ لأنَّه لمْ يصِحَّ ما يَنسَخُهَا.
فيدُلُّ على أنَّ
جُلودَ مَيْتَةِ بَهيمَةِ الأنعامِ -وهيَ الإِبلُ، والبَقَرُ، والغَنَمُ- إذا
دُبِغَتْ جُلودُها فإنَّها تَطْهُرُ ويُباحُ اسْتِعْمالُها مُطْلقًا في
اليَابِساتِ والمَائِعاتِ، بخِلافِ قوْلِ صاحِبِ المَتْنِ في اليَابِسَاتِ؛ لأنَّ
الصَّحيحَ أنَّها تَطْهُرُ مُطْلَقًا، ويُباحُ اسْتِعْمالُها مُطْلقًا؛ لقَوْلِ
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ».
وكذلكَ قوْلُه صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ»، فأَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم، أنَّ الإِهابَ -يعْني: الجِلْدَ- يَطهُرُ بالدِّباغِ، ويُسْتعمَلُ مُطلقًا في اليابِساتِ والمائِعاتِ.