وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الأَْحْدَاثِ كُلِّهَا، فَيَنْوِي
رَفْعَ الْحَدَثِ أَوِ الطَّهَارَةَ لِمَا لاَ يُبَاحُ إِلَّا بِهَا، فَإِنْ نَوَى
مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ كَقِرَاءَةٍ أَوْ تَجْدِيْدًا مَسْنُونًا نَاسِيًا
حَدَثَهُ ارْتَفَعَ.
****
بلْ إِذَا فرَغ من غسل العُضْو بَدَأَ بالذي
بعده مُباشرةً، فإِنْ أَخَّره من غير عُذْرٍ حتَّى نَشِفَ العُضْوُ الَّذي غَسَلَه
بَطَلَ الوُضوءُ؛ لأَنَّها فاتتِ المُوالاةُ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم توضَّأَ مُواليًا، وقال: «هَذَا وُضُوءٌ لاَ يَقْبَلُ اللهُ الصَّلاَةَ
إلاَّ بِهِ»، وما فعله النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بيانًا للقرآن، أَوْ
تفسيرًا للقرآن، فإِنَّه يكون واجبًا، فالمُوالاةُ واجبةٌ، فلو ترَكها مِنْ غير
عُذْرٍ لمْ يصحَّ وُضوءُه.
«وَالنِّيَّةُ
شَرْطٌ» الوُضوءُ له شروطٌ، منها وأَعْظمُها: النِّيَّةُ؛ لأَنَّ الوُضوءَ عبادةٌ،
والعبادةُ لا تصحُّ إلاَّ بنيَّةٍ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا
الأَْعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» ([1]).
فلا تصحُّ العباداتُ
إلاَّ بالنِّيَّة، فلو توضَّأَ مِنْ باب التَّبَرُّد، أَوْ مِنْ باب التَّنظُّف،
أَوْ ليُعلِّمَ غيرَه الوُضوءَ، ولمْ ينْوِ هُوَ رَفْعَ الحَدَث، لمْ يصحَّ
وُضوءُه.
والنِّيَّةُ محلُّها القلبُ، فلا يجوز التَّلفُّظُ بها، كأَنْ يقول: نويْتُ أَنْ أَتوضَّأَ، أَوْ يقول: نويْتُ أَنْ أُصلِّيَ، أَوْ نويْتُ أَنْ أَطُوفَ، هذا أَمْرٌ مُبْتدَعٌ؛ لأَنَّ النِّيَّةَ في القلب، واللهُ يعلمُ ما في القلوب.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1)، ومسلم رقم (1907).