×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

فإنْ أَسبَغَ بأقَلَّ، أو نَوَى بغُسلِه الحَدَثَيْن، أَجزَأَهُ.

****

فالإِسرَافُ فِي الماءِ لا يَجُوزُ، ولو كان الإِنسانُ على بَحْرٍ أو نَهْرٍ؛ لأنَّ هَذِهِ عِبادَة، والعِبادَة لا يَجُوز الإِسرافُ فِيهَا، ويَجِب الاقتِدَاءُ بالرَّسولِ صلى الله عليه وسلم؛ ولأنَّ الإِسرَافَ فِي الماءِ قد يَجُرُّ إلى الوَسوَاسِ؛ ولأنَّه قد يُسْرِفُ فِي الماءِ ولا يَرتَفِع حَدَثُه؛ لأنَّه لم يُعَمِّم بَدَنَه بالمَاءِ.

«فإنْ أَسبَغ بأقلَّ» إذا أَسبَغَ بأقلَّ من الصَّاعِ فِي الاغتِسالِ، وأقلُّ من المُدِّ فِي الوُضوءِ، جاز هذا، وقد رُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه توضَّأ بثُلُثَيْ مُدٍّ ([1])؛ لأنَّ المُهِمَّ الإِسباغُ، وليس المُهِمُّ كَثرَةَ المَاءِ؛ لأنَّ كَثرَةَ الماءِ يُنهَى عنها؛ لأنَّها إِسرَافٌ.

فيَجِب التَّفَطُّن لِهَذا؛ لأنَّ بَعْضَ النَّاسِ وخُصُوصًا لمَّا تَوَفَّر الماء - ولله الحَمدُ، بوَاسِطَة شَبَكاتِ الماءِ الَّتي عُمِّمَت على البُيوتِ، صَارُوا لا يُبالُون بإِهدارِ المِياهِ الكَثيرَةِ، وهَذَا مُحرَّمٌ ولا يَجُوز؛ لأنَّه إِسرافٌ؛ ولأنَّ هَذَا الماءَ ما جاء إلاَّ بتَكَالِيفَ باهِظَةٍ، فلا يَجُوز للإِنسَانِ إِهدارُهُ فِي غَيرِ فَائِدَة.

«أو نَوَى بغُسْلِه الحَدَثَيْن، أَجزَأَه» وكَذَلِكَ مِن تَقلِيلِ الماءِ: أن يَنوِيَ بغُسْلِه الحَدَثَينِ الأكبَرَ والأَصغَرَ، ويُفِيضَ المَاءَ على جِسمِه مرَّةً واحِدَة، ناويًا رَفْعَ الحَدَثَين؛ لقَولِه صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَْعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» ([2]).


الشرح

([1])أخرج أبو داود رقم (94)، والنسائي رقم (74)، والبيهقي رقم (895) عن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها: « أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَدْرُ ثُلُثَيِ الْمُدِّ».

([2])أخرجه: البخاري رقم (1)، ومسلم رقم (1907).