قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله:
وهَذَا راجِعٌ إلى نوعيَّةِ الصَّلاَةِ ([1])، فإن كانَ يُطيلُ
القِيامَ والرُّكُوعَ والسُّجُودَ - كمَا كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
يفعلُ - فإنَّهُ يُصلِّي إحْدَى عشْرَةَ ركْعَةً أو ثلاث عشْرة ركعةً، أمَّا إِن
كانَ الناسُ لاَ يتحمَّلُونَ الطُّولَ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «أَيُّكُمْ
أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا
الْحَاجَةِ» ([2]).
فإِذَا كانَ
النَّاسُ لاَ يتحَمَّلُونَ أنْ يُصلُّوا مِثْلَ صلاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم؛ فإنَّهُم يُخَفِّفُونَ الصِّفَةَ، ويُكثِرُونَ العَدَدَ، والنَّوعُ
الأوَّلُ: تَطوِيلُ الصِّفَةِ وتقليلُ العدَدِ، وهو الذي فعلَهُ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم، فالأمرُ واسِعٌ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لم يُحدِّدْ
صلاةَ التَّراوِيح حَدًّا مُعيَّنًا، وَإِنَّمَا حَثَّ عَلَى قيامِ رَمضانَ.
قال صلى الله عليه
وسلم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([3]) ولَم يُحدِّدْ،
وقالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ مَعَ الإِْمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ
كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» ([4]) ولمْ يُحدِّدْ.
فدلَّ عَلَى أنَّ الأمرَ واسِعٌ، وأنَّهُ لاَ حدَّ لِصلاةِ التَّراويح، وإنَّمَا هَذَا يرجِعُ لصِفَةِ الصَّلاَةِ، فمن كان يُخفِّفُ فإنَّهُ يزيدُ فِي عدَدِ الرَّكَعاتِ، كمَا فعلَ الصَّحابةُ، ومَنْ كان يُطيلُ فإنَّهُ يُقلِّلُ عدَدَ الرَّكَعاتِ، كمَا فعلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّهُ كان يُطِيلُ، فرُبَّمَا قرأَ فِي الرَّكعتَيْنِ بالبَقَرةِ وآلِ عمران
([1])انظر: «الاختيارات الفقهية» (64).