وأمَّا قوله صلى
الله عليه وسلم: «تَفْضُلُ صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ الْفَذِّ
بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» فهذا محمولٌ على من له عُذْر، أمَّا من تركَها
بغير عُذْر، فهذا الحديثُ يدُلُّ على بُطْلانِ صلاتِه.
وأجيب عن ذلك؛ بأنَّ
النفي الوارد في الحديثِ لنفي الكمال، لا لنفي الصِّحة، فمن ترَكَ صلاةَ الجماعة
من غير عُذْرٍ صحَّت صلاتُه مع الإثمِ على تركِ الواجب.
وقوله: «وله فعلها في
بيتِه» أي: له إقامةُ الجماعةِ في البيت، ولا يجِبُ فعلُها في المسجد؛ لقولِه
صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ لِيَ الأَْرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ([1]).
ولكن الرأي الصحيح؛ أنَّها تجِبًُ في المسجد؛ لقوله: «لاَ صَلاَةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلاَّ فِي الْمَسْجِدِ» ([2])، وحديثُ الأعمى الذي قال له الرسولُ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «أَجِبْ؛ فَإِنِّي لاَ أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً» ([3])، فلو كانت تجوزُ إقامتُها في البيوتِ لرَخَّصَ لهذا الرَّجُلِ أن يُصلِّيَ مع من عنده جماعةً في بيتِه، ويحصُلُ له أداءُ الجماعة، كذلك قوله: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إلاَّ مِنْ عُذْرٍ».
([1])أخرجه: البخاري رقم (328)، ومسلم رقم (521).