ومواعظه وكرَّر التحذير، فإنَّ الله جل وعلا حذَّر منها أيضًا وذلك بقوله: ﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ﴾ فالذي يُحْدِث في الدِّين يكون قد شارك الله في التشريع، والتَّشريع إنما هو حق لله سبحانه وتعالى وفي الآية الأخرى قال سبحانه: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ﴾ [التوبة: 31]، فاليهود والنصارى اتخذوا علماءهم وعبّادهم أربابًا من دون الله، بحيث إنهم يَبتدعون في الدِّين فيتبعونهم، ويأخذون بأقوالهم، فجعلوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، ومعنى أربابًا: شركاء لله في الربوبية؛ لأن التشريع من شئون الرَّب سبحانه وتعالى فهو الذي يشرع لعباده، قال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأعراف: 54] والأمر هو التشريع، ولذلك حذَّر الله جل وعلا من أكل الميتة التي كان المشركون يستبيحونها كما قال: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ﴾ [الأنعام: 121]، يعني: يُلقون الشُّبه في إباحة الميتة ليجادلوكم بها، ويقولون للناس: إنها حلال، قال سبحانه بعد ذلك: ﴿وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ﴾ [الأنعام: 121] وهذا من شرك الطاعة؛ لأن الشرك أنواع، ومنه الشرك في الطاعة والتشريع، فالذي يُطيع من أحْدَث في الدين ما ليس منه فقد اتخذه شريكًا لله عز وجل فالذين يتبعون المبتدعة ويطيعونهم فيما ابتدعوا وأحدثوا، فإنهم اتخذوهم شركاء لله عز وجل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد