يعني: كاملة بآذانها وقُرونها، «ولكنكم
تَجدَعُونها» ([1]) يعني: أنَّ الناس يغيرونها
فيما بعد فيقطعون أُذنها أو يكسرون قرونها، فهذا تغيير يكون من الناس، فدلّ هذا
على أن الأصل في الإنسان التوحيدُ، وأنه يولد مفطورًا عليه، ولهذا لا يؤمر عند
البلوغ إلا بأن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، لا يؤمر بأن يشهد أن لا إله إلاّ الله
وأن محمّدًا رسول الله؛ لأن هذا موجود فيه من الفطرة ومن الأصل، فلا يقال للغلام
إذا بلغ: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمدًا رسول الله لتدخل في الإسلام، هو في
الإسلام من الأصل بفطرته، فهو يعرف هذا ولا يؤمر به، إنما يؤمر بما يقتضيه من
عبادة الله سبحانه وتعالى ولهذا يغلط الذين يقولون: لا بد للإنسان إذا بلغ أن يبحث
وينظر في الآيات، ثم بعد ذلك يُثبت وجود الله عز وجل ثم يعبد الله، يعني كأنه ولد
ليس له فطرة ويعرف بها الحق من الباطل، فيحتاج إلى النظر والاستدلال كما يقولون.
أما أهل السُّنة
والجماعة فيقولون: إن الإنسان ولد مفطورًا على التوحيد، فلا يحتاج إلى بحث
واستدلال، وإنما يؤمر بالعبادة إذا بلغ أو قارب البلوغ، أو وهو في سِنِّ التمييز
من أجل أن يتربّى ويحافظ على فطرته التي فطره الله عليها، فهذا أصل عظيم يجب
التَّنبه له.
وقوله: «خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ» يعني: موحِّدين «فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ عَنْ دِينِهِمْ» ([2]) يعني: عن فطرتهم السليمة، وأفسدتها،
([1])أخرجه: البخاري رقم (1359)، ومسلم رقم (2658).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد