×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وجعلت فيها الشَّكَّ والشِّركَ والشَّهواتِ المحرَّمة والفساد، فغيّرتها، ولذلك قال جل وعلا: ﴿لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ [الروم: 30]، فلا يمكن أن يولد الإنسان على غير الفطرة، ولا يمكن لأحدٍ أن يغير خلق الله، ولكن التغيير يكون للمخلوق لا للخلق، قال تعالى: ﴿لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ، وإنما التبديل يكون للمخلوق لا للخلق، وفرقٌ بينهما، فالله يخلق على الفطرة، ولا أحدَ يغيِّر هذا المسار أبدًا، وإنما التغيير للمخلوق، فإنه يغيِّر فيما بعد ذلك، ومَن الذي يُغيِّره؟ شياطين الإنس والجنِّ ودُعاة الضلال، وفي مقدِّمتهم الشياطين، ثم الوالدان الكافران الفاسدان، فإنهما في مقدمة شياطين الإنس؛ لأنهما يُربِّيان ولدهما على الرَّذيلة وعلى الأخلاق السَّيئة وعلى الدِّين الباطل، وعلى تضييع الصلاة وغير ذلك.

وقوله: «وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ» هذا الشيء الثاني الذي غيرته شياطين الإنس والجن. أنهم تدخَّلوا في الأحكام فأحلُّوا لهم ما حرّم الله، وحرّموا ما أحلَّ، والضلال من هذين الأمرين، إما بالشِّرك، وإمّا بالتَّحليل والتحريم.

وقوله: «وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا» أي: أمرَتْهُم الشياطينُ أن يشركوا بالله ما لم ينزِّل به حُجَّة؛ لأن الـحُجَّة والبرهان على التوحيد، وأما الشِّرك فليس له دليل أبدًا، لا من الشرع ولا من العقل، ولا من الفطرة؛ لأن هذه الأمور الثلاثة تنهى عن الشِّرك، وعمدة المشركين الشبهات والحكايات والمنامات والتقليد الأعمى لا غير.


الشرح