بل يكون قوله: «كُلّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» بمنزلة قوله:
«كل عادة ضلالة» أو «كل ما عليه العرب والعجم فهو ضلالة» ويراد بذلك: أنَّ ما نهى
عنه من ذلك فهو الضلالة. وهذا تعطيل للنصوص وهو من نوع التحريف والإلحاد، وليس من
نوع التأويل السائغ.
وفيه من المفاسد أشياء: أحدها: سقوط الاعتماد على هذا
الحديث.
فإنّ ما عُلم أنه منهيٌّ عنه بخصوصه فقد عُلم حكمه
بذلك النهي، وما لم يُعلم فلا يندرج في هذا الحديث، فلا يبقى في هذا الحديث فائدة!
مع كون النبيِّ صلى الله عليه وسلم كان يخطب به في الجُمَعِ ويعدُّه من جوامع
الكلم.
****
يعني: هذا يطرد حتى في
المعاملات التي الأصل فيها الإباحة إلاّ ما نهى عنه الشرع، فلا يقال: كل معاملة
فهي ضلالة إلاّ ما أباحه الله ورسوله، وهذه قاعدة ضالة بلا شك؛ لأن الأصل في
المعاملات الإباحة والسعة إلاّ ما دلّ الدليل على منعه، والأصل في العبادات المنع
إلاّ ما دلَّ الدليل على فعله.
أي: من المضار
الواضحة في القاعدة التي جاؤوا بها ((أنَّ البدعة ما نهى الله عنه ورسوله فقط، وما
لم يَنْهَ عنه فليس ببدعة» فإنّ من أعظم المضار في هذا الكلام إسقاط هذا الحديث
العظيم «كُلّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» فإذا قيل: كل ما نهى الرسول صلى الله
عليه وسلم عنه فهو بدعة، وما لم يَنْهَ فهو شرع.
يعني: إذا قصرنا قوله صلى الله عليه وسلم: «كُلّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» على معنى: أن
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد