الثالث: أن الخطاب بمثل هذا - إذا لم يقصد إلاّ الوصف
الآخر، وهو كونه منهيًّا عنه - كتمانٌ لما يجب بيانه، وبيانٌ لما لم يقصد ظاهره.
فإنَّ البدعة والنهي الخاص بينهما عموم وخصوص، إذ ليس
كل بدعة جاء عنها نهيٌ خاص، وليس كل ما جاء فيه نهي خاص بدعة، فالتكلُّم بأحد
الاسمين وإرادة الآخر تلبيسٌ محضٌ، لا يسوغ للمتكلم، إلاّ أن يكون مدلسًا، كما إذا
قال: «الأسود» وعنى به الفرس، أو «الفرس» وعنى به الأسود.
****
إذا قيل بهذا القول
الضال، وهو أن قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «كُلّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»
أي: كل ما نهيت عنه فهو ضلالة، فمعنى هذا أنه يجوز للإنسان أن يفعل ما يشاء، ثم
يقول: هذا ليس منهيًّا عنه، أو: لم يَنْهَ الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، فيحتفل
بالمولد، ويقيم المناسبات البدعيّة، ويعمل العبادات والأذكار البدعيّة، مما عليه
الصُّوفية... إلى آخره، ويقول: هذا لم ينه عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
فنقول: النبي صلى الله عليه
وسلم جاء بكلمة جامعة فقال: «كُلّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»، فيكون عملكم هذا
ضلالة؛ لأنه بدعة في الدين.
وهذا وجه آخر فيه بيان أنه يوجد فرق بين البدعة وبين ما نهي عنه، فليس كل ما نهي عنه بدعة، فالمعاصي كالزنا وشرب الخمر لا يقال فيها: إنها بدعة، بل يقال: هذه ذنوب ومعاصٍ وكبائر، فهي مخالفة للأدلة، وفعلٌ لما حرم الله سبحانه وتعالى فلا يقال: إن الزاني مبتدع، والسارق مبتدع، بل يقال لهما: عاصيان، فليس كل معصية تكون بدعة،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد