×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

فإنّ على المتأوِّل بيانُ جواز إرادة المعنى الذي حمل الحديث عليه من ذلك الحديث، ثم بيان الدليل الصارف له إلى ذلك.

وهذه الوجوه تمنع جواز إرادة هذا المعنى بالحديث، فهذا الجواب عن مقامهم الأول.

وأما مقامهم الثاني، فيقال: هَبْ أن البدع تنقسم إلى حَسَنٍ وقَبيحٍ، فهذا القَدْرُ لا يمنع أن يكون هذا الحديث دالًّا على قبح الجميع.

****

لأنَّ القاعدة تقول: بأنه يلزم المدَّعي على دليل من الأدلة أنه ليس على ظاهره، وأنه محمول على معنى آخر غير الظاهر أمران:

أولاً: يلزمه أن يأتي بالدليل الصارف.

الثاني: أن يبيّن أنَّ هذا هو معنى الدليل المصروف عن ظاهره.

فهذه الوجوه التي ذكرها الشيخ فيما سبق تمنع تأويلات هؤلاء، وتبقي الحديث السابق: «كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]) على عمومه من غير صارف.

المقام الثاني مما يُرد به قولهم: أن هناك بدعة سيئة وبدعة حسنة، فيُقال: نعم الحديث الأول صريح بأنه ليس هناك بدعة حسنة، وهو دليل صحيح وصريح، فيبقى قولهم: أن هناك بدعة حسنة، نقول: هذا مجرد دعوى، والدعوى لا يقاوم بها الحديث الصحيح.

والمقصود بقوله: «قبيح» أي: جميع البدع قبيحة لعموم حديث: «كُلّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ».


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).