وثانيًا: هؤلاء انصرفوا قبل
أن ينصرف الإمام، وقد يقول متحذلق منهم: إنَّ الأئمة الذين يصلّون في الحرمين
يتعاقبون، فهم عدّة أئمة، وليس إمامًا واحدًا، ونحن صلينا مع إمام منهم حتى انصرف،
فنقول: هم بمثابة عمل إمام واحد؛ لأن الذي كان يصلي بالصحابة ثلاثًا وعشرين ركعة
هو إمام واحد وهو أبي بن كعب رضي الله عنه، فغاية ما حدث الآن أن هذا من باب
التعاون؛ لأن الإمام الواحد يشق عليه أن يصلي ثلاثًا وعشرين ركعة مع ما في ذلك من
القراءة والترتيل وغير ذلك، فيكون هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وذلك
بمثابة التراويح الواحدة، والإمام الواحد لأنها صلاة واحدة، وإن تعاقب الأئمة على
أدائها.
وقد قال الشيخ رحمه
الله تعقيبًا على حديث: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِْمَامِ حَتَّى
يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» ([1]): وبهذا احتجَّ أحمد
وغيرُه. وهذا فيه أن صلاة التراويح تُشرع لها الجماعة.
والأمر الثاني: أن يستمر مع الإمام حتى ينصرف، حتى يحصل على هذا الأجر، وأن لا ينصرف قبله فيفوته هذا الأجر العظيم، وهذا كما أشرنا من قبل فيه ردٌّ على الذين إذا صلوا عشر ركعات بخمس تسليمات مع الإمام في الحرمين انصرفوا؟! فتراهم يجلسون ويضحكون ويمزحون
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1375)، والترمذي رقم (806)، وابن ماجه رقم (1327)، والنسائي رقم (1364).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد