نظر في السبب المحوج إليه، فإن كان السبب المحوج
إليه أمرًا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم، يوجب القتال حماية للدين فهنا يجوز
إحداث ما تدعو الحاجة إليه، وكذلك إذا كان المقتضى لفعله قائمًا على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم، لكن تركـه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض قد زال بموته.
وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه، أو كان السبب المحوج
إليه بعض ذنوب العباد: فهنا لا يجوز الإحداث.
وأما ما حدث المقتضي له بعد موته صلى الله عليه وسلم
فهنا للفقهاء طريقان:
أحدهما: أنَّ ذلك يفعل ما لم ينه عنه. وهذا قول
القائلين بالمصالح المرسلة.
والثاني: أنَّ ذلك لا يفعل ما لم يؤمر به. وهو قول من
لا يرى إثبات الأحكام بالمصالح المرسلة. وهؤلاء ضربان:
منهم: من لا يثبت الحكم إن لم يدخل تحت دليل من كلام
الشارع أو فعله أو إقراره، وهم نفاة القياس.
ومنهم: من يثبته بلفظ الشارع أو بمعناه، وهم
القياسيون.
فأما ما كان المقتضى لفعله موجودًا، وهو مع هذا لم
يشرعه، ففعله تغيير لدين الله تعالى، وإنما أدخله فيه مَنْ نسب إلى تغيير الدين من
الملوك والعلماء الضلال والعباد الجهال، أو من زلَّ منهم باجتهاده، كما روي عن
النبي صلى الله عليه وسلم وغير واحد من الصحابة: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ
عَلَيْكُمُ: زَلَّةُ عَالِمٍ، أَوْ جِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ، وَأَئِمَّةٌ
مُضِلُّونَ» ([1]).
****
([1])أخرجه: الدارمي رقم (675).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد