×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

فمثال هذا القسم: الأذان في العيدين، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء أنكره المسلمون لأنه بدعة. فلو لم يكن كونه بدعة دليلاً على كراهته، وإلاّ لقيل: هذا ذكر الله، ودعاء للخلق إلى عبادة الله، فيدخل في العمومات، كقوله تعالى: ﴿ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا [الأحزاب: 41] وقوله تعالى: ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ [فصلت: 33]  أو يقاس على الأذان في الجمعة، فإنَّ الاستدلال على حسن الأذان في العيدين أقوى من الاستدلال على حسن أكبر البدع.

بل يقال: ترْك رسول الله صلى الله عليه وسلم له مع وجود ما يعتقد مقتضيًا وزوال المانع سُنَّة، كما أنَّ فعله سُنَّة.

فلما أمر بالأذان في الجمعة، وصلى العيدين بلا أذان ولا إقامة: كان ترك الأذان فيهما سنة، فليس لأحد أن يزيد في ذلك، بل الزيادة في ذلك كالزيادة في أعداد الصلاة، وأعداد الركعات، أو الحج.

فإن رجلاً لو أحبَّ أن يصلي الظهر خمس ركعات، وقال: هذا زيادة عمل صالح، لم يكن له ذلك. وكذلك لو أراد أن ينصب مكانًا آخر يقصد لدعاء الله فيه وذكره، لم يكن له ذلك، وليس له أن يقول: هذه بدعة حسنة، بل يقال له: كل بدعة ضلالة.

ونحن نعلم أن هذا ضلالة قبل أن نعلم نهيًا خاصًّا عنها، أو أن نعلم ما فيها من المفسدة.

فهذا مثال لما حدث، مع قيام المقتضي له وزوال المانع، لو كان خيرًا.

****


الشرح