فإن كل ما يبديه الـمحدث لهذا من المصلحة، أو يستـدل
به من الأدلة قد كان ثابتًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع هذا لم
يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الترك سنة خاصة، مقدمة على كل عموم وكل
قياس.
ومثال ما حدثت الحاجة إليه من البدع بتفريط من الناس:
تقديم الخطبة على الصلاة في العيدين، فإنه لما فعله بعض الأمراء أنكره المسلمون؛
لأنه بدعة، واعتذار من أحدثه بأن الناس قد صاروا يَنْفَضُّون قبل سماع الخطبة، وكانوا
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفَضون حتى يسمعوا أو أكثرهم.
فيقال له: سبب هذا تفريطك. فإنَّ النبي صلى الله عليه
وسلم كان يخطبهم خطبة يقصد بها نفعهم وتبليغهم، وهدايتهم، وأنت تقصد إقامة رياستك،
وإن قصدت صلاح دينهم، فلست تعلمهم ما ينفعهم، فهذه المعصية منك لا تبيح لك إحداث
معصية أخرى، بل الطريق في ذلك أن تتوب إلى الله وتتبع سنة نبيه، وقد استقام الأمر.
وإن لم يستقم فلا يسألك الله إلاّ عن عملك لا عن عملهم.
****
كان صلى الله عليه وسلم في حياته ينزل عليه القرآن ويأمر بكتابته، أي: كتابة الآيات، ويرتبها صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يجمعه في مصحف واحد وإنما كان مفرقًا؛ فكان يُحفظ في الصدور ويُكتب في السطور، وكان يكتب فيما تيسَّر من الصحائف والرقاع واللحاء والعظام وعُسب النخل، فما توفي صلى الله عليه وسلم إلاّ وكان القرآن قد تكامل في الصدور وبالكتابة، فهذا هو الجمع الأول للقرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه كان مفرقًا لـم يجمع
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد