فإذا كان نصُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دلّ
على استحباب فعلٍ أو إيجابه بعد مدته، أو دل عليه مطلقًا، ولم يُعمل به إلا بعد
موته، ككتاب الصَّدقة الذي أخرجه أبو بكر رضي الله عنه، فإذا عمل أحد ذلك العمل
بعد موته صحّ أن يسمّى بدعة في اللغة لأنه عملٌ مبتدأٌ، كما أن نفس الدين الذي جاء
به النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بدعة، ويسمى محدثًا في اللغة، كما قالت رسل قريش
للنجاشي عن أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم المهاجرين إلى الحبشة: إنَّ هؤلاء
خرجوا من دين آبائهم، ولم يدخلوا في دين الملك، وجاءوا بدين مُـحدَثٍ لا يُعرف.
فالعمل الذي يَدُلُّ عليه الكتاب والسُّنة ليس بدعة في
الشريعة وإن سمّي بدعة في اللغة.
فلفظ البدعة في اللغة أعمُّ من لفظ البدعة في الشريعة.
****
ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يظهر العمل
به إلاّ بعد مدّة - مثل صلاة التراويح حيث جمعهم عمر على إمام واحد بعد مدّة من
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم - فلا يمنع أن يكون هذا سنة تأخر العمل بها، لكن
أصلها ثابت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهي ليست بدعة.
ومثال ذلك أيضًا: كتاب الصدقات الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في بيان أسنان الإبل في الصدقات ونصابها، هذا كان عند أبي بكر رضي الله عنه، فلمّا تولى الخلافة وأرسل أنس بن مالك إلى البحرين أعطاه هذا الكتاب الذي فيه بيان الصدقات وأنصبائها ومقاديرها، فتأخر العمل بهذا الكتاب ولم يظهر إلاّ في عصر أبي بكر رضي الله عنه، هل يقال: إنَّ هذا بدعة؟! لا بل هذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك سائر السنن التي تخفى على الناس وهي ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء أحد وأحياها لا يقال:
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد