×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

ومن هذا النوع: أنه صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُل عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ ([1])، أَوْ يَسُوم الرَّجُل عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ ([2])، أَوْ يَخْطُبُ الرَّجُل عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ([3]). فيعلل ذلك بما فيه من فساد ذات البين، كما علّل به في قوله: «لاَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلاَ خَالَتِهَا؛ فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُم أَرْحَامَكُمْ» ([4]).

وإن كان هذا المثال يَظهر التَّعليلُ فيه ما لا يظهر في الأول، فإنما ذاك لأنه لا يظهر فيه وصفٌ مناسبٌ للنهي إلا هذا، والسَّبْرُ دليلٌ خاصٌّ على العلّة.

ونظيره من كلام الناس أن يقول: لا تُعط هذا الفقير فإنه مبتدع، ثم يسأله فقير آخر مبتدع فيقول: لا تعطه، وقد يكون ذلك الفقير عَدُوًّا له.

فهل يُحكم بأن العلّة هي البدعة، أم يتردد لجواز أن تكون العلة هي العداوة؟ وأما إذا رأينا الشارع قد حكم بحُكم ورأينا فيه وصفًا مناسبًا، لكن الشارع لم يذكر تلك العلَّة، ولا علّل بها نظير ذلك الحكم في موضع آخر. فهذا هو الوصف المناسب الغريب؛ لأنه لا نظير له في الشَّرع، ولا دلّ كلام الشارع وإيماؤه عليه، فيجوِّز اتباعه الفريقُ الأوّلُ، ونفاه الآخران.

****


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5142)، ومسلم رقم (1412).

([2])أخرجه: مسلم رقم (1515).

([3])أخرجه: البخاري رقم (5142)، ومسلم رقم (1412).

([4])أخرجه: الطبراني في الكبير (11805، 11931).