×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وعن ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَصُومُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ» ([1]). رواه أحمد.

ومثل هذا ما أخرجاه في ((الصحيحين)) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» ([2]) لفظ البخاري: «يَصُومُ عَادَته».

فوجه الدلالة: أنَّ الشارع قسم الأيام باعتبار الصوم ثلاثة أقسام:

قسم شرع تخصيصه بالصيام، إما إيجابًا: كرمضان، وإما استحبابًا: كيوم عرفة وعاشوراء.

وقسم نهي عن صومه مطلقًا: كيوم العيدين.

وقسم إنما نهى عن تخصيصه: كيوم الجمعة وسِرَر شعبان.

فهذا النوع لو صيم مع غيره لم يكره، فإذا خصص بالفعل نهى عن ذلك، سواء قصد الصائم التخصيص أو لم يقصده، وسواء اعتقد الرجحان أو لم يعتقده.

ومعلوم أنَّ مفسدة هذا العمل لولا أنها موجودة في التخصيـص دون غيره لكان إمّا أن ينهى عنه مطلقًا كيوم العيد، أو لا ينهى عنه كيوم عرفة. وتلك المفسدة ليست موجودة في سائر الأوقات. وإلاّ لم يكن للتخصيص بالنهي فائدة.

فظهر أنَّ المفسدة تنشأ من تخصيص ما لا خصيصة له، كما أشعر به لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنَّ نفس الفعل المنهي عنه أو المأمور

****


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (2615).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1914)، ومسلم رقم (1082).