×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

به، قد يشتمل على حكمة الأمر والنهي، كما في قوله: «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ» ([1]).

فلفظ النهي عن تخصيص وقت بصوم أو صلاة يقتضي أن الفساد ناشئ من جهة الاختصاص، فإذا كان يوم الجمعة يومًا فاضلاً، يستحب فيه من الصلاة والدعاء والذكر والقراءة والطهارة والطيب والزينة ما لا يستحب في غيره، كان ذلك في مظنة أن يتوهم أن صومه أفضل من غيره، ويعتقد أن قيام ليلته كالصيام في نهاره، لها فضيلة على قيام غيرها من الليالي، فنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التخصيص دفعًا لهذه المفسدة التي لا تنشأ إلاّ من التخصيص.

وكذلك تلقي رمضان: قد يتوهم أنَّ فيه فضلاً لما فيه من الاحتياط للصوم، ولا فضل فيه في الشرع، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقيه لذلك.

وهذا المعنى موجود في مسألتنا، فإن الناس قد يخصون هذه المواسم لاعتقادهم الناس لا تخص فيها فضيلة، ومتى كان تخصيص هذا الوقت بصوم أو بصلاة قد يقترن باعتقاد هذه المواسم فضل ذلك، ولا فضل فيه، نهي عن التخصيص، إذ لا ينبعث التخصيص إلاّ عن اعتقاد الاختصاص.

ومن قال: إنَّ الصلاة والصوم في هذه الليلة كغيرها، هذا اعتقادي، ومع ذلك فأنا أخصها، فلا بد أن يكون باعثه إما تقليد غيره، وإما اتباع العادة، وإما خوف اللوم له، ونحـو ذلك، وإلاّ فهو كاذب، فالداعي إلى هذا العمل لا يخلو قط من أن يكون ذلك

****


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5892)، ومسلم رقم (259).