×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وتَلخيص الفرق بين الأقوال الثلاثة:

أنّا إذا رأينا الشارع قد نصّ على الحكم ودلّ على علته كما قال صلى الله عليه وسلم في الهرّة: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ»([1])فهذه العلّة تُسمّى المنصوصة، أو المومأ إليها، عُلمت مناسبتها أو لم تُعلم، فيُعمل بموجبها باتفاق الطوائف الثلاث، وإن اختلفوا: هل يسمى هذا قياسًا أو لا يسمى؟

ومثاله في كلام الناس ما لو قال السيد لعبده: لا تُدخل داري فلانًا فإنه مبتدع، أو فإنه أسود أو نحو ذلك.

 فإنه يُفهم منه أنه لا يدخل داره مَن كان مبتدعًا، أو من كان أسود. وهو نظير أن يقول: لا تدخل داري مبتـدعًا ولا أسود.

ولهذا نعمل نحن بمثل هذا في باب الأيمان: فلو قال: لا لبست هذا الثوب الذي يَمُنُّ به عليّ فلان، حنث بما كانت منته فيه مثل منته، وهو يمنّهُ ونحو ذلك.

****

والعلة في القياس على قسمين:

القسم الأول: أن تكون علّة منصوصة، ومثالها ما ورد في قول الله تعالى: ﴿وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا [المائدة: 38] فلمّا رتب القطع على اسم السارق، دلّ هذا على أنَّ العلة هي السرقة، وهي علّة منصوصة.

الثاني: علّة مستنبطة وليست منصوصة.

فكون الرسول صلى الله عليه وسلم حكم على الهرّة بأنهـا ليست بنجس فلا تنجس ما أكلت وشربت منه، والعلّة ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (75)، والترمذي رقم (92)، والنسائي رقم (68).