×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وأما إذا رأينا الشارع قد حكم بحُكم ولم يذكر علَّته لكن قد ذكر علَّة نَظيرِه أو نوعه، مثل أنه جوّز للأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر بلا إذنها، وقد رأيناه جوّز له الاستيلاء على مالِـها لكونها صغيرة، فهل نعتقد أن علّة ولاية النكاح هي الصغر مثلاً؟ كما أنَّ ولاية المال كذلك، أم نقول: بل قد يكون لنكاح الصغيرة علّة أخرى وهي البكارة مثلاً؟ فهذه العلّة هي المؤثرة؛ أي قد بيَّن الشارع تأثيرها في نظير ذلك الحكم، فالفريقان الأولان يقولان بها، وهو في الحقيقة إثبات للعلّة بالقياس. فإنه يقول: كما أنَّ هذا الوصـف أثَّر في الحكم في ذلك المكان، كذلك يؤثِّر فيه في هذا المكان.

والفريق الثالث لا يقول بها إلاّ بدلالة خاصة لجواز أن يكون النوع الواحد من الأحكام له علل مختلفة.

****

قوله: «فلو قال: لا لبست هذا الثوب...» يعني: لو حلف فقال: لا ألبس هذا الثوب الذي فيه منّة، صارت العلة هي المنَّة؛ إذًا كل شيء فيه منَّة إذا استعمله فإنه يحنث ولو لـمْ يحلف عليه بعينه، قياسًا على الذي حلف عليه بعينه؛ لأن العلة واحدة وهي المنّة، فلو أكل من طعامه أو ركب سيارته فإنه يحنث؛ لأنَّ العلة واحدة.

الشارع نهى أن يزوج الرجل ابنته الصغيرة بدون إذنها، فما هي العلّة؟ هل لأنها صغيرة ولا يعتبر لها إذن؟ بينما جوّز له الاستيلاء على مالها لصغرها، فقال: ﴿وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا [النساء: 5] وقال: ﴿وَٱبۡتَلُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغُواْ ٱلنِّكَاحَ فَإِنۡ ءَانَسۡتُم مِّنۡهُمۡ رُشۡدٗا  


الشرح