×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وإنما تحب شيئًا هي التي تبتكره وتبتدعه، وهذا شأن المبتدعة.

قوله: «كما قال أبو عثمان النيسابوري: ما ترك أحد شيئًا من السنة..» أي: إلاّ لكبر في نفسه عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو يريد لنفسه منهجًا هو الذي يبتكره، ولا يدخل فيـه تحت اتباع غيره، ولهذا سهلت عليهم البدع لأنهم يدخلون تحت إمرة أنفسهم، ولا يدخلون تحت إمرة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه.

إذا استكبر القلب عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وخضع لاتباع هواه واتباع المضلين، فحينئذٍ ينسلخ من الدين، قال تعالى: ﴿فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ [القصص: 50]، وقال: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ [آل عمران: 31]، وقال: ﴿قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ [آل عمران: 32].

قوله: «وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا...» أي: فالمبتدعة يحسبون أنهم يتقربون بها إلى الله، وأنهم يجدون فيها لذّة وراحة لقلوبهم لما يزينه الشيطان لهم: ﴿شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ [الأنعام: 112]، فينخلعون من طاعة الله إلى طاعة غيره، فبدل أن يكونوا عبادًا لله مطيعين له أصبحوا عبادًا لغيره مطيعين لهم، كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

هربوا من الرق الذي خلقوا له

فبلوا برق النفس والشيطان

 فالإنسان عبد ولا بد أنه إذا لم يكن عبدًا لله صار عبدًا لغيره، قد يكون عبدًا للشيطان، أو عبدًا للسلطان، أو عبدًا للشهوات، أو عبدًا


الشرح