×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

أن القلوب تستعذبها، فالقلوب إذا ألفت البدع اندرجت معها وهجرت السنن، وهذا من أعظم المضار؛ لأن الناس إذا فتح لهم باب الابتداع فإنهم سوف ينساقون مع البدع لأن نفوسهم تميل إليها، ولأنَّ الشيطان يرغِّبهم بها، ولأن دعاة السوء يروجونها، فإذا فتح لهم هذا الباب فإنها تدفن السنن ولا تطلب، وهذا من أعظم الضرر في البدع.

قوله: «وتجد كثيرًا من العامة يحافظ عليها...». الخطر الكبير في البدع على العامة الذين ليس عندهم علم، فإنهم يميلون مع البدع ويرغبونها كثيرًا؛ لأنه ليس عندهم علم يفرقون به بين الحق والباطل، وبين السنة والبدعة، فتميل نفوسهم إلى هذه البدع لاسيّما وهم يجدون فيها أشياء من مطامعهم ورغباتهم، فعند ذلك يستهوونها، وهذا هو أعظم الضرر في البدع، فيميلون إليها أعظم من ميلهم إلى الفرائض والسنن، وهذا شيء مشاهد من تسابق الناس إلى البدع وبحثهم عنها وعدم رغبتهم في المشروع.

وكذلك من مضار البدع أنها تُنقص الرغبة حتى في الفرائض التي أوجبها الله سبحانه على عباده، فيعتاضون عن الفرائض بالبدع المحدثة، والله جل وعلا يقول في الحديث القدسي: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُه عَلَيْهِ، وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» ([1])، فهؤلاء المبتدعة ومن تابعهم يرجحون البدع على الفرائض، فتجد منهم من يعتني بالبدع ولا يصلي الجمعة ولا يحضر


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6502).