×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

 لصلاة الجماعة بل قد لا يصلي أصلاً، ويقول: يُغنيني أني أعمل في الشهر كذا، وفي السنة كذا وكذا، وقد وُجد هذا، وُجد من لا يصلي فرضًا ولا نافلة، ويقول: يكفيني أن أُقيم احتفالاً على مدار السنة بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم فهو يشفع لي، فلا أحتاج إلى عمل وفرائض ونوافل!

وتجد المبتدعة في ممارسة بدعهم يكون لهم حال فعلها من الخوف والرغبة والبكاء والتضرع ما لم يكن في الفرائض وفي المساجد، فتجدهم يبكون ويتضرعون عند القبور ويصبرون الليالي والأيام معتكفين عندها، في حين تراهم لا يتجهون إلى المساجد، ولا يؤدون الفرائض مع المسلمين، فهذا من مضار البدع أنها تصرف عن طاعة الله سبحانه وتعالى إلى طاعة الشيطان.

فالبدع تجعل العبادة من العادات ولا يجد لها لذة في فاعلها، بينما يجد في البدعة لذّة في قلبه وراحةً في نفسه، وانشراحًا في صدره فهو يتخذ البدعة عبادة، ويتخذ السنة، حتى الفرائض، من باب العادة، فيفعلها لأنَّ الناس يفعلونها، فهو لا يقدر أن يخالف الناس فيجامل فيفعل ما يفعله الناس، في حين تجد أنَّ البدعة أرغب إليه وأحب إلى نفسه، وهذا من مصائب البدع في الدين.

وهذا كله يبيّنه الحديث القدسي أنَّ الله جل وعلا قال: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُه عَلَيْهِ، وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنِ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ


الشرح