×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

فلم يكونوا يخافون من سلطان ولا من سطوة، إنما تركوه اختيارًا، فدل على أنه غير مشروع.

الوجه الثالث: أن الله لم ينوِّه بيوم مولده وإنما نوه ببعثته صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ [آل عمران: 164] ﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّ‍ۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ [الجمعة: 2] ولم يقتصر المبتدعة على تعظيم يوم ولادته صلى الله عليه وسلم، بل عظَّموا الدار التي يزعمون أنه ولد فيها ويتبرّكون بها، بل بلغ الأمر ببعضهم أن يستقبلها في صلاته ويستدبر الكعبة المشرفة، ولما خافوا من هدمها جعلوها مكتبة سموها مكتبة مكة إبقاء عليها.

الوجه الرابع: لو كان إحياء هذا اليوم حقًّا لَـمَـا خفيَ على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَنْ بعدهم، ثم ظهر ذلك للخلف الذين جاؤوا من بعدهم.

الوجه الخامس: لو كان في إقامة هذه المناسبة خير لكانوا هم أسبق إليه منّا، فدل على أنه لا خير فيها، فهُم لم يتركوها إلاّ لأنه لا خير فيها.

الوجه السادس: أنَّ من علامات محبته صلى الله عليه وسلم: طاعته واتباعه فيما جاء به ظاهرًا وباطنًا، ولا يكون ذلك في إقامة البدع في يوم مولده، فإن هذا ليس من محبته، بل هذا ممّـا يكرهه صلى الله عليه وسلم ويبغضه، فإذا كنت تحب شخصًا فكيف تعمل شيئًا يغضبه؟ فقد نهى عن البدع وحذر منها، مما يدلُّ على بغضه لها وكراهته لها.


الشرح