ومنها بدعة إحياء
المولد، فإنَّ كمال محبته إحياء سُنته باطنًا وظاهرًا، ونَشْر ما بُعث به، فلو كان
هؤلاء المبتدعة يريدون الخير والأجر، لنشروا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بدل أن
ينشروا البدع، لكنهم لا يحرصون على السنن، وإنما يحرصون على البدع وإحيائها، وهذا
من حكمة الله تعالى، أنه من ترك الحقَّ فإنه يُبتلى بالباطل، فمن ترك السُّنة
ابتلي بالبدعة.
فالصحابة جاهدوا على
ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم باليد واللسان والمال، فكيف يقال: إنهم تركوا
شيئًا من شأنه رَفْع قدر الرسول صلى الله عليه وسلم ومن حقِّه صلى الله عليه وسلم
عليهم، وهو إحياء يوم مولده؟!
الوجه السابع: أنَّ أكثر من يحرص
على إقامة البدع مثل بدعة إحياء المولد يحرصون على البدع ولا يحرصون على السنن
عقوبة لهم؛ لأنه لا يجتمع في القلب محبة البدعة مع محبة السنة، فهذا فيه خطر البدع
ووجوب تركها.
الوجه الثامن: أنَّ إقامة البدع تمنع من إقامة السنن والعمل بها، فهؤلاء كمن يبني مسجدًا ويزخرفه وينفق عليه الأموال، لكنه مع ذلك لا يصلي مع الجماعة، فهذا لا تنفعه إقامة المسجد؛ لأنه لا يؤدي فيه صلاة الجماعة الواجبة عليه عينًا، فقارن بين تركه لصلاة الجماعة وما فيه من الإثم، وبين زخرفته للمسجد وما فيها من الإثم، بل إنها مكروهة، فكل هذا لا يجدي شيئًا، ولا ينفعه عند الله سبحانه وتعالى. وكمن يحلي المصحف بالذهب ونحوه ولا يقرأ فيه أو لا يعمل به، وهكذا من
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد