×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

فأما الأولى: فهو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، باطنها وظاهرها، قولها وعملها، في الأمور العلمية والعملية مطلقًا، فهذا هو الذي يجب تعلمه وتعليمه والأمر به، وفعله على حسب مقتضى الشريعة من إيجاب واستحباب، والغالب على هذا الضرب هو أعمال السابقين الأولين من الـمهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.

وأما المرتبة الثانية: فهي كثيرة جـدًّا في طرق المتأخرين من المنتسبين إلى علم أو عبادة، ومن العامة أيضًا، وهؤلاء خير ممن لا يعمل عملاً صالحًا مشروعًا ولا غير مشروع، أو من يكون عمله من جنس المحرم، كالكفر والكذب والخيانة والجهل، ويندرج في هذا أنواع كثيرة.

فمن تعبّد ببعض هذه العبادات المشتملة على نوع مـن الكراهة، كالوصال في الصيام، وترك جنس الشهوات ونحو ذلك، أو قصد إحياء ليال لا خصوص لها، كأول ليلة من رجب ونحو ذلك، قد يكون حاله خيرًا من حـال البطال، الذي ليس فيه حرص على عبادة الله وطاعته.

بل كثير من هؤلاء الذين ينكرون هذه الأشياء زاهدون في جنس عبادة الله، من العلم النافع والعمل الصالح، أو في أحدهما، لا يحبونها ولا يرغبون فيها، لكن لا يمكنهم ذلك في المشروع، فيصرفون قوّتهم إلى هذه الأشياء، فهم بأحوالهم منكرون للمشروع وغير المشروع، وبأقوالـهم لا يمكنهم إلاّ إنكار غير المشروع.

ومع هذا، فالمؤمن يعرف المعروف وينكر المنكر، ولا يمنعه من ذلك موافقة بعض المنافقين له ظاهرًا في الأمر بذلك المعروف،

****


الشرح