×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

فهذان المرسلان من هذين الوجهين المختلفين يدلان على ثبوت الحديث، لا سيما وقد احتج مَن أرسله به، وذلك يقتضي ثبوته عنده ولو لم يكن روي من وجوه مسندة غير هذين، فكيف وقد تقدم مسندًا؟

ووجه الدلالة: أنَّ قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدًا، فقبر غيره أولى بالنهي كائنًا من كان. ثم إنه قرن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ» أي: لا تعطّلوها عن الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور.

****

 

 فأرشده إلى أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التردد على قبره للسلام عليه؛ لأنَّ هذا من اتخاذه عيدًا، وأما الصلاة والسلام عليه فيحصلان، ولو كان المرء بعيدًا عن قبره، فلا حاجة إلى التردد على القبر، ثم قال له: ما أنت ومن بالأندلس إلاّ سواء، يعني: القريب من الرسول صلى الله عليه وسلم والبعيد عنه حينما يصلّون ويسلّمون عليه يحصل لهم المقصود، ويحصل لهم الأجر بإذن الله، ولا حاجة إلى التردد على القبر.

هذا الحديث روي من كلام الرجلين: علي بن الحسين والحسن بن الحسن، وروي مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون هذا من المرسل، ولكن الحديث وُصل من عدة طرق، وأيضًا فإنَّ هذين الرجلين الفاضلين من أهل البيت قد استشهدا به، وفي هذا دليل على صحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا مطعن فيه.

إذا كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل قبر على وجه الأرض بالإجماع قد نهي عن التردد عليه للسلام والاعتكاف عنده،


الشرح