ومثل ما روى أبو داود أيضًا عن أوس بن أوس رضي الله
عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلاَةِ عَلَيَّ
يَوْم الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ
عَلَيَّ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ
وَقَدْ أَرِمْتَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الأَْرْضِ أَنْ تَأْكُلَ
لُحُومَ الأَْنْبِيَاءِ» ([1]).
أرِمَ أي: صار رميمًا، أي: عظمًا باليـًا. فإذا اتصلت به تاء الضمير فأصح اللغتين
أن يفك الإدغام فيقال: أرمت، وفيه لغة أخرى كما في الرواية: أرمّت بتشديد الميم،
وقد يخفف فيقال: أرمت.
****
وهذا أيضًا من
الأدلة على أنه لا حاجة إلى الذهاب والتردد على قبره صلى الله عليه وسلم من أجل
الصلاة والسلام عليه، وأنَّ هذا يتأتّى في أي مكان، وأنه صلى الله عليه وسلم تُعرض
عليه أعمال أمته ومنها الصلاة والسلام عليه، فلا حاجة إذن للذهاب إلى القبر لأجل
أن يسمع الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة والسلام عليه، فإنَّ هذا حاصل بواسطة
الملك الذي يبلغه، وفي هذا دفع للغلو ومن اتخاذ قبره صلى الله عليه وسلم عيدًا
يُعتاد ويُتردد عليه.
وقولهم: «كَيْفَ
تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟» يعني: صرت رميمًا
وعظامًا بالية، فهم قاسوه صلى الله عليه وسلم على سائر الأموات، فبيَّن صلى الله
عليه وسلم أنَّ الأنبياء لهم خاصية، وهي أنّ الأرض لا تأكل أجسادَهم؛ لأن الله
حرّم علىها أن تأكل أجسام الأنبياء.
وفي السلام عليه صلى الله عليه وسلم لا بد أن يقال: اللهم صلّ وسلّم على محمد؛ لأنه يوافق ما جاء في اللفظ القرآني وهو أحسن،
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1047).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد