×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وروى الإمام أحمد في ((مسنده)) بإسناد جيد، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» ([1]) رواه أبو حاتم في ((صحيحه)).

وعن زيد بن ثابت صلى الله عليه وسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([2]) رواه الإمام أحمد.

**** 

وهذا الحديث أيضًا فيه النهي عن البناء على القبور، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ»، ففيه وعيد شديد لمن يبني على القبور، وذلك لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عدّه من شرار الناس، فهذا دليل على قبح فعله، وأنَّ فعله شر عظيم؛ لأن البناء على القبور وسيلة من وسائل الشرك، وما حدث البناء على القبور إلاّ متأخرًا، بعد مضي القرون المفضلة، وأول من بنى عليها الشيعة الفاطميون لما استولوا على مصر وبلاد المغرب، فإنهم أحدثوا البناء على القبور، وزخرفوها، وفِعلتهم وسيلة لأعظم ذنب عُصي الله به، وهو الشرك، فالبناء على القبور محرّم شديد التحريم، سدًّا لذريعة الشرك.

وهذا أيضًا فيه النهي الشديد عن اتخاذ القبور مساجد، يعني: مصلّيات يصلّى عندها، سواء بني عليها مسجد أو لم يبنَ،


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (3844)، وابن حبان رقم (2325)، والبزار رقم (1724).

([2])أخرجه: أحمد رقم (21604).