×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرَاتِ الْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» ([1])، رواه أحمد وأبو داود والترمذي، والنسائي.

وفي الباب أحاديث وآثار كثيرة، ليس هنا موضع استقصائها.

**** 

 كما سيأتي، فالمراد بالمساجد هنا المصليات، فالمصلي وإن كان يصلي لله عز وجل لكنه إذا صلّى عند القبر فإنه يستحق اللعنة، مما يدل على قبح هذا الفعل؛ لأن اللعنة لا تكون إلاّ على كبيرة من كبائر الذنوب، فإذا كان الذي يصلي لله عند القبور ملعونًا، فكيف بالذي يعبد القبور ويصلّي تقربًا للأموات؟ هذا مشرك الشرك الأكبر، لكن لما كانت الصلاة لله عند القبور وسيلة إلى الصلاة تقربًا إلى الأموات، حرَّم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك سدًّا للذريعة، كما أنه وصف هذا بأنه من فعل اليهود، ونحن منهيون عن التشبه باليهود والنصارى، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([2]).

وهذا الحديث أيضًا فيه النهي عن أمرين:

النهي الأول: نهي النساء عن زيارة القبور، ولعن من فعلت ذلك، مما يدل على أنَّ زيارة النساء للقبور كبيرة من كبائر الذنوب، تستوجب اللعنة؛ لأن زيارة القبور إنما هي خاصة بالرجال، بدليل هذا الحديث، فالمرأة لا تزور القبور، والعلة في ذلك - والله أعلم - أنّ المرأة ضعيفة لا تستطيع التحمل إذا رأت قبر قريبها، فقد تأخذها العاطفة،


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4031)، وأحمد رقم (5114).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (3236)، والترمذي رقم (320)، والنسائي رقم (2043)، وأحمد رقم (2030).