×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

فتبكي، كما أنّ المرأة فتنة، فإذا زارت القبور ربما طمع الفساق بها، كما هو حاصل الآن في البلاد التي تزور النساء فيها القبور، فإنّ الفساق ينتهزون الفرصة معهن في هذا المكان، فلذلك استحقت المرأة الزائرة للقبور هذه اللعنة، مما يدل على أنَّ هذا أمر كبير من كبائر الذنوب، وهذا ما عليه المحققون من أهل العلم، وذهب طائفة منهم إلى جواز زيارة النساء للقبـور، محتجِّين أولاً بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «زُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآْخِرَةَ» ([1]). قالوا: هذا عموم تدخل فيه النساء. والجواب عن ذلك واضح، من حيث إن هذا العموم مخصص بهذا الحديث، ولا تعارض بين عام وخاص.

النهي الثاني: اتخاذ المساجد والسرج على القبور، وسيأتي الحديث عنه.

وأما المجيزون قالوا: لأنَّ عائشة رضي الله عنها زارت قبر أخيها.

قلنا: هذا من فعل عائشة رضي الله عنها، وهو اجتهاد منها، أخطأت فيه، ولعله لم يبلغها النهي عن ذلك، وما دام صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي فلا قول لأحد.

وقولهم: إنَّ أم عطية رضي الله عنها قالت: «نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» ([2])، وقولها: «وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» دليل على أنه لا مانع من زيارة النساء للقبور، وأنَّ النهي للكراهة فقط.


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (1569).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1278)، ومسلم رقم (938).