×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

 أما إذا كان المرء لا يُسَلِّم لله ولرسوله، وإنما يطيع هوى نفسه، فما تبيّن له واقتنع به أطاعهم فيه، وإلاّ لم يطعهم، فهذا متبع لهواه، وليس متبعًا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وبعض الناس يقول: لا بد من القناعة، وإذا لم أقتنع فلا أطيع، وهذا ليس عنده إيمان بالله ورسوله، وإنما عنده إيمان بما اقتنع به. وهذا فيه اتهام لله ولرسوله بعدم الحكمة، وعنده عدم تسليم لله ولرسوله.

فالمقصود: أنَّ من حقهم الاتباع والاقتداء، والمحبة والتوقير والاحترام، وتعظيم سنتهم، وأما العبادة فهي حق لله سبحانه وتعالى ولا تنبغي لأحد سواه، أما الغلّو فيهم، واتخاذ قبورهم مساجد ومصليات، والاستغاثة بهم بعد موتهم، فهذا كله ليس من حق الرسل ولا حق الأنبياء والأولياء، وإنما هذا حق لله سبحانه وتعالى، والأنبياء إنما جاؤوا لبيان حق الله، والدعوة إليه، وأمر الناس به، ولم يأتوا ليدعوا إلى أنفسهم.

قوله: «كما أن عامّة من يشرك بهم شركًا أصغر أو أكبر يترك ما يجب عليه...» أي: من أشرك بالرسل مع الله فقد عصى الرسل؛ لأنَّ الرسل إنما جاؤوا للأمر بعبادة الله وحده، والنهي عن الشرك، والرسل عليهم الصلاة والسلام لا يرضون أن يشركوا مع الله، فمن أشرك بالله، فقد عصى الأنبياء ولم يكن مطيعًا لهم، وإن كان يزعم أنه يحبهم، ويُجلهم، فما قيمة إجلال الأنبياء مع معصيتهم بصرف العبادة لغير الله، أو جعل شيءٍ من العبادة لهم، وهذا شيء لا يرضاه الأنبياء ولا أتباعهم.


الشرح