×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وقد اختلف الفقهاء في الصلاة في المقبرة: هل هي محرمة، أو مكروهة؟

وإذا قيل: محرمة، فهل تصح مع التحريم أم لا؟ والمشهور عندنا أنها محرمة لا تصح، ومن تأمل النصوص المتقدمة تبيّن له أنها محرّمة بلا شك، وأن صلاته لا تصح.

وليس الغرض هنا تقرير المسائل المشهورة، فإنها معروفة، وإنما الغرض التَّنبيه على ما يخفى من غيره، فمما يدخل في هذا قصد القبور للدعاء عندها أو لها.

فإن الدعاء عند القبور وغيرها من الأماكن ينقسم إلى نوعين:

أحدهما: أن يحصل الدعاء في البقعة بحكم الاتفاق لا لقصد الدعاء فيها، كمن يدعو الله في طريقه، ويتفق أن يمر بالقبور، أو من يزورها فيسلم عليها، ويسأل الله العافية له وللموتى، كما جاءت به السُّنَّة، فهذا ونحوه لا بأس به.

الثاني: أن يتحرى الدعاء عندها، بحيث يستشعر أنَّ الدعاء هناك أجوب منه في غيره، فهذا النوع منهيّ عنه، إما نهي تحريم، أو تنزيه، وهو إلى التحريم أقرب.

والفرق بين البابين ظاهر، فإنَّ الرجل لو كان يدعو الله واجتاز في مَمَره بصنم، أو صليب أو كنيسة، أو كان يدعو في بقعة وكان هناك بقعة فيها صليب، وهو عنه ذاهل، أو دخل كنيسة ليبيت فيها مبيتًا جائزًا، ودعا الله في الليل، أو بات في بيت بعض أصدقائه ودعا الله، لم يكن بهذا بأس، ولو تحرّى الدعاء عند صنم أو صليب، أو كنيسة يرجو الإجابة بالدعاء في تلك البقعة لكان هذا من العظائم.

****


الشرح